التخاصية .. ليس العيب في الفكرة والأسلوب!
سلطان الحطاب
16-01-2013 03:49 AM
تستبق الحكومة بشجاعة البرلمان القادم في تصحيح كثير من المسارات وفتح العديد من الملفات التي كان يجري القفز عنها أو التعامل بانتقائية مع مضامينها ونعود إلى ملف التخاصية الذي جرى التعامل معه بانتهازية ومجاملة وبعدائية غير علمية وغير مبررة .
فالتخاصية كأسلوب ونهج اقتصادي جربته دول عديدة متقدمة وتعاملت معه بشفافية، هذه التخاصية لا عيب فيها وانما العيب في التعامل مع مشاريعها لجهة الفساد وتقييم الأسعار والسمسرة واستخدام العوائد، فالعيب في المحبين وليس الحب والعيب في التنفيذ وليس في الفكرة والأسلوب الاقتصادي والاجتماعي للتخاصية.
رؤساء وزارات سابقون ولضغوط اجتماعية محددة ورغبة في كسب أصوات نواب يخاطبون عواطف الجمهور وليس المصلحة الوطنية جرى الهجوم على التخاصية وادانتها والقول فيها ما لم يقله مالك في الخمر، وجرى التعبئة ضد التخاصية ومفهومها ومشاريعها وهذا ما خلق حالة تحريض بشعة وسلبية ضد الكثير من الانجازات الكبيرة التي كانت ثمرة للتخاصية ولولا ذلك لأفلست شركات وتوقفت أخرى وانعدمت القدرة على الإدامة والاستمرارية أيضاً.
وإذا كانت التخاصية دواء وعلاج لكثير من الظواهر الاقتصادية في مراحل معينة أبرزها الانتقالية من مرحلة القطاع العام المثقل بالبيروقراطية والأعباء المالية والمفتقر إلى الخبرات اللازمة والتمويل إلى مرحلة توسيع الشراكة مع القطاع الخاص واستثمار امكانياته وخبراته ومرونته، اذا كان الأمر كذلك فإننا استفدنا الكثير الذي لا يريد اعداء التخاصية الالتفات اليه وتعظيم نتائجه.
قد يكون الدفاع عن التخاصية كأسلوب ونهج في الأردن مسألة غير شعبية وحتى مدانة ومستنكرة ليس لأعراض التخاصية الجانبية الاجتماعية والاقتصادية التي تشبه أعراض الدواء الذي هو ضرورة ويفترض تحمل بعض أعراضه وإنما لطبيعة التحريض والتعبئة والتوظيف السياسي والاجتماعي الذي حدث في محاولة لارضاء فئات وشرائح وكجزء من تخطئة نهج الدولة والاستعداء عليها من خصومها.
لسنا بلداً اشتراكياً وكنا دائماً من أوائل الدول في المنطقة والاقليم التي أخذت بالاقتصاد الحر واقتصاديات السوق وبنت شراكات ما بين القطاع العام والخاص وقد نجحت في ذلك كثيراً فقد بدأت كثير من المشاريع المهمة والاستراتيجية في الأردن قطاعاً خاصاً ثم تحولت إلى العام أو الشراكة ومن ذلك الفوسفات التي بدأت مع القطاع الخاص وكذلك الكهرباء وحتى المصفاة، ولعل المرونة كانت دائماً لصالح الاقتصاديات الأردنية التي لا تحتمل أن تكون قطاعاً عاماً وأن تظل الدولة رغم التحولات الشديدة دولة رفاه تقدم التعليم المجاني والصحة والنقل وغير ذلك.
لقد اختبأت مصالح وأفراد ومنافع عديدة وخاصة خلف برامج التخاصية وعبثت في تطبيقاتها ومواردها وعوائدها وهذا شيء آخر يجب المحاسبة فيه وعليه وربما هذا الذي يدعو الحكومة الآن فتح ملف التخاصية لإعادة التقييم وميزّ الغث من السمين والأصل من الخطأ الذي جرى ارتكابه.
من حق الشعب أن يطالب بفتح أي ملف او مراجعة أي ملف، وها هي الحكومة تفعل في موضوع التخاصية قبل مجيء البرلمان حتى لا يتحول الملف إلى قميص عثمان مرة أخرى وعلى المسؤولين أن يكونوا من الشجاعة والموضوعية والنزاهة أن يحموا فكرة التخاصية وأن يوردوا دوافعها وضرورات اختيارها وان يشيروا إلى مواقع الخلل في التطبيقات وفي استثمار المشاريع بالواسطة والمحسوبية والاستقواء حتى لا يختلط الحابل بالنابل وحتى لا يقع التمويه أو يظلم الاقتصاد الوطني أو يجري معاودة تهريب وطرد المستثمرين وبدل المزايدة والمكابرة والاستماع إلى من تأخذهم العزة بالاثم في هذا الموضوع ممن يدعون إلى إعادة عقارب الساعة إلى الوراء أو إعادة امتلاك الدولة للمشاريع.
على الدولة أن تقدم الكثير من المشاريع التي خصخصت ونجحت ولولا ذلك لكانت الأمور سيئة ولدينا أمثلة الاسمنت والاتصالات وعديد أخرى ممن شغلت أيدي عاملة كثيرة وأتاحت فرص عمل وعوائد مجزية لخزينة الدولة واستثمارات بالملايين للتطور والادامة لم تكن الحكومات قادرة على توفيرها.
مع فتح ملف التخاصية ونشر كل الغسيل على الحبال شريطة الابتعاد عن الخلط ومحاولة كسب الشعبية على حساب سلامة الرؤية وتطور الاقتصاد الوطني.
alhattabsultan@gmail.com