المتتبّع والمراقب لأمطار وثلوج الخير التي غطّت معظم أجزاء المملكة وما نتج عنها من السيول التي غمرت عمّان وأغلب مدن الأردن وأصبحت أنفاق عمّان أنهاراً ودواويرها بركاً تصلح للسباحة في يوم مشمس دافئ ؟!

وتضرّر جراء ذلك الناس والبيوت والناقلات والحافلات، وتقطّعت بهم السبل وهذا راجع إلى البنية التحتية المهترئة والعبّارات الضيّقة التي لم تستوعب المياه الهاطلة نتيجة الغش في هندسة التعمير والبناء للجسور والأنفاق والعبّارات، كما أصبحت شوارع عمّان وأرصفتها وجدرانها الإستناديّة كالكرتون المقوّى انهارت بُنيانها وغدا بعضها أثراً بعض عين، وهذا إن دلّ على شيء فهو الفساد والغش الذي استشرى في "أمانة" عمّان منذ سنوات.

ويتساءل المواطن أين ذهبت ميزانيّات الأمانة وأموالها المرصودة التي حصّلتها من الضرائب التي يدفعها سكّان عمّان.

فمتى يحاكم المتسبّبون في ذلك من أمناء ومهندسين ومقاولين والذين نفّذوا هذه المشاريع، وهاهم يتسابقون إلى النيابة ... ثم الوزارة ؟

حقاً ما أصغر "أمانة" عمّان لصغرها في إنقاذ أنفاق عمّان وشوارعها.

لكن ما خفّف مّما سبق هبّة جيشنا العظيم بتوجيهات جلالة الملك الذي أنقذ الناس وسيّاراتهم وبيوتهم في كلّ مكان طُلب منه أن يتحرّك إليه، فطيلة يومين كاملين واصل جيشنا الباسل الليل بالنهار حتّى أعاد الأمور إلى نصابها، ففتح الطرق، رئيسية وفرعية وحمل الخبز في مجنزراته ووزّعه على الناس في منازلهم ومُدنهم وقُراهم النائية. بل أنّ حرس الحدود من أبطال هذا الجيش طوال الأشهر والأيام الماضية استقبل أهلنا اللاجئين من سوريا الشقيقة وفتح لهم مناماته وقاسمهم خبزه وماؤه.

كم أنت كبيرٌ أيّها الجيش ... فالجيش في الدول المجاورة يقتل الناس ويسحلهم في الشوارع ويدوسهم بدبّاباته ... ويُصفّيهم بإعدامات ميدانية على حواجزه ويهلك الحرث والنسل.

وأنت يا جيشنا العظيم تستعمل أسلحتك للإنقاذ والإسعاف وتقديم المشرب والمأكل لأهلك.

آه ... كم أنت كبيرٌ كبير أيها الجيش ... !
وكما قال المتنبّي :
وتكبرُ في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم

*الأستاذ الدكتورمحمد وليد العبادي
عميد كلية القانون
جامعة اّل البيت