" مرشد محارب الضوء" لباولو كويليو / ترجمة عن النص الفرنسي
15-01-2013 02:11 AM
عمون - بقلم سناء ابو شرار * - في كتابه المميز والعميق ، يظهر البعد الفلسفي والفكري والروحي العميق لدى الكاتب البرازيلي باولو كويليو مع المزج الدقيق للقيم الدينية والإنسانية ، يتحدث في كتابة عن محارب الضوء والذي هو رمز لإنسان لا يتوقف عن البحث عن معنى لحياته ، لا يتوقف عن طرح الأسئلة ، يرفض السلبية والإستسلام ، يقبل فشله مثلما يرحب بنجاحه، لا يحاول أن يلعب دور رسمه الآخرون له بل يمارس ذاته فقط . يرفض في كتابه المشوق والمفعم بالحكمة الضعف والفشل ، الشك والتراجع ، الخوف الجُبن
وأن الله تعالى أراد العزة والشجاعة والنجاح للإنسان ولكنه يختار بإرادته الإنسحاب أو الضعف أو حتى الدمار . وأقدم بعض الفقرات الواردة في كتاب باولو كويليو :
" حين يريد شخصٌ شيءٌ ما ، الكون كله يتآمر لأجله، محارب الضوء يعرف ذلك.
لهذا السبب يهتم كثيراً بأفكاره المختبئة عميقاً خلف النوايا الطيبة والتي لا يتجرأ أن يُفصح عنها : الإنتقام ، تدمير الذات ، الشعور بالذنب ، الخوف من الإنتصار، الإستمتاع الفظيع بمآسي الآخرين . الكون لا يحاكم الأشخاص، ولكنه يتآمر لما يريد كل شخص ، لذلك ينظر محارب الضوء إلى الأماكن المظلمة في روحه ليتأكد من أنه لا يطلب الشيء الخطأ. وهو دائماً حذر حول ما يفكر به."
" حين يسقط الخَيّال عن فرسه، لابد أن يمتطيه مرة أخرى وسريعاً وإلا لن تكون لديه الشجاعة مرة أخرى لإمتطائه ، لذلك يعلم محارب الضوء قيمة الإصرار والشجاعة".
" اصدقاء محارب الضوء يسألونه:
من أين له الطاقة التي يتمتع بها ؟ فيقول لهم: من عدوي المختبيء.
ثم يسألونه : أين هذا العدو؟ فيقول: شخصٌ ما لم نعد نستطيع أن نؤلمه .
ربما يكون هذا العدو صبي كان يضربه وهو طفل، ربما تكون فتاة هجرته، ربما يكون مدرس كان يقول له بأنه غبي ؛ محارب الضوء لا يفكر بالإنتقام ، لأن عدوه المختبيء لم يعد جزء من القصة ، ولكنه يفكر بالإنجاز في الحياة حتى تصل أخبار انجازاته لسمع أولئك الذين سببوا له الألم فيما مضى. لأن ألم الأمس هو قوة محارب الضوء اليوم."
" محارب الضوء يعلم أنه قد تنعدم العدالة ، وأن كل شخص قد يجد نفسه في موقف لا يستحقه ، عادةً حين لا يستطيع الشخص أن يدافع عن نفسه ، والفشل يطرق باب محارب الضوء ، ولكنه يبقى صامتاً ، لأنه لا يريد أن يفقد طاقته ، لأن الكلمات لا تفعل شيء ، من الأفضل أن يستعمل قوته ويقاوم وأن يصبر ، لأن الوقت يقف هناك صامتاً ولكنه لا يقبل الظلم ، عاجلاً أو آجلاً سوف تسير الأمور لمصلحته ، محارب الضوء لا يتحدث عن هزائمة ولكنه ينتظر انتصاره".
" أحياناً يتسلل الشيطان إلى نفس محارب الضوء عبر الجروح القديمة والتي لم تندمل ، عبر الرغبة بالإنتقام ، ويذكر له حيل ذكية لينتقم أو يصف له سموم فعالة تساعده على تدمير اعدائه. محارب الضوء يستمع ، ويشجع الشيطان على متابعة الحوار ، وحين يعرف كل شيء، ينهض ويغادر ، الشيطان يشعر بالتعب والفراغ لأن كل ما قاله لم يؤثر بمحارب الضوء الذي رحل كأنه لم يستمع لأي كلمة".
" لا يوجد حب مستحيل بالنسبة لمحارب الضوء ، لا يشعر بالحرج بسبب الصمت أو الرفض لأنه يعلم أن خلف القناع الثلجي الذي يلبسه الناس هناك قلبٌ خافق وباحث عن الحب. لذلك يأخذ محارب الضوء المجازفة أكثر من غيره ، ويبحث عن الحب من حوله حتى ولو كان الجواب "لا" . لأنه لا يشعر بالخوف حين يبحث عما يحتاج له ، لأنه بدون الحب لن يكون أي شيء."
" شيء غريب ، يقول محارب الضوء ، لقد قابلت الكثير من الناس الذين ومن أول فرصة يُظهرون أسوء صفاتهم ، يخبئون ذواتهم خلف مظهر من العدائية ، ويخبئون وحدتهم خلف قناع من الإستقلالية ، لا يؤمنون بقدراتهم ولكنهم طوال الوقت يدّعون الفضيلة. محارب الضوء لا ينبهر بالمظاهر ، ويبقى صامتاً أمام من يحاولون اثارة انطباعه ، وينتهز الفرصة لتصحيح اخطاءه لأن الناس يبدون كمرآة ممتازة لرؤية الأخطاء التي نحاول تجاهلها. محارب الضوء ينتهز كل الفرصة ليُعلم نفسه."
* روائية ومحامية