تظهر البيانات الصادرة حول مشروع الموازنة العامة لعام 2013 ما يجسد مضامين البرنامج الوطني للاصلاح الاقتصادي والمالي خاصة فيما يتعلق بتعزيز درجة الاعتماد على الذات ,حيث يتوقع ان ترتفع نسبة تغطية الايرادات المحلية للنفقات الجارية من 75% لعام 2012 الى حوالي 85,3% لعام 2013 وليتواصل ارتفاعها لتصل الى 87,3% و90,7% للعامين 2014 ,2015 على التوالي.

ان تحقيق النسب المشار اليها اعلاه يعتمد بشكل مباشر على قيمة الايرادات المحلية والنفقات الفعلية التي ستتحقق خلال العام القادم 2013 والعامين اللاحقين 2014 ,2015 فالنفقات الجارية عادة يتم انفاقها كونها تمثل رواتب الجهازين المدني والعسكري ,نفقات التقاعد العسكري والمدني ,فوائد القروض الخارجية والداخلية ,دعم المواد التموينية والمحروقات ,شبكة الامان الاجتماعي وغيرها من النفقات التشغيلية للوزارات والدوائر الحكومية المقدرة لعام 2013 . كما يفترض ان تقديرات النفقات الجارية قد اخذت بعين الاعتبار الاجراءات الحكومية المتعلقة بترشيد النفقات حيث اشارت التقديرات الى ظبط النفقات الجارية بنسبة حوالى 2,1% .

اما فيما يتعلق بالايرادات المحلية فهي ارقاما تقديرية يعتمد تحقيقها على عدة محددات ,منها نسبة نمو الناتج المحلي الاجمالي الاسمي الذي ينعكس اثره على قيمة المبالغ المتحققة من الايرادات المحلية خاصة ضريبة المبيعات فنمو الناتج المحلي الاجمالي تعني نمو القطاعات الاقتصادية المختلفة كاالقطاع السياحي وغيره من القطاعات .

فانتعاش النشاط التجاري ينعكس على زيادة الايرادات الجمركية المحصلة وزيادة ارباح الشركات التي تساهم بها الحكومة وزيادة الفوائض من المؤسسات والشركات المملوكة بالكامل من الحكومة كل ذلك من شانه ان يزيد من قيمة الايرادات الواردة للخزينة من هذه الجهات كما ان الاجراءات الحكومية المتعلقة بتعديل بعض القوانين والتشريعات, وتاريخ نفاذ هذه الاجراءات جميعها تلعب دورا هاما في مدى تحقيق قيمة الايرادات المحلية المستهدفة.

وباستعراض قيمة الايرادات المحلية المقدرة لعام 2013 ومكونات هذه الايرادات يلاحظ مايلي:
1₎ تبلغ قيمة الايرادات المحلية المقدرة لعام 2013 حوالي 5296 مليون دينار بالمقارنة بحوالي 4753 مليون دينار لعام 2012 (كارقام اولية) اي بنسبة نمو تبلغ حوالي 11.4 % .

2₎ تيلغ قيمة الايرادات الضريبية المقدرة لعام 2013 حوالي 3770 مليون دينار بالمقارنة بحوالي 3440 مليون دينار عام 2012 اي نسبة نمو تبلغ حوالي 9.6% فيما تبلغ قيمه الايرادات غير الضريبية لعام 2013 حوالي 1526 مليون دينار بالمقارنة بحوالي 1313 عام 2012 اي بنسبة نمو تبلغ حوالي 1,8% .

3) تشكل الايرادات الضريبية ما نسبته حوالي 71,1%من اجمالي الايرادات المحلية فيما تشكل الايرادات غيرالضريبية ما نسبته حوالي 28,9% .

ولا بد من الاشا رة الى ان الايرادات المحلية المشار اليها اعلاه تمثل ايرادات الموازنة بالا ضافة الى بعض ايرادات موازنة الوحدات المستقلة كون بعض فوائض الوحدات المستقلة تحول للخزينة كـأيرادات محلية كفوائض هيئة تنظيم قطاع الاتصالات و الكهرباء ومؤسسات سوق رأس المال وبعض الشركات والمؤسسات الحكومية حيث يشير مشروع قانون الوحدات الحكومية الى ان قيمة الفوائض المتوقع تحويلها من الوحدات الحكومية المستقلة الى الخزينة لعام 2013 تبلغ حوالي 173,6 مليون دينار

مما جاء يمكن القول ان تحقيق النسبة المستهدفة لتعزيز الاعتماد على الذات تعتمد على مدى تحقيق الارقام المقدرة للايرادات المحلية (كون قيمة النفقات الجارية المقدرة سيتم في الاغلب تحقيقها) , وان تحقيق هذه الايرادات لايقتصر فقط على اجراءات حكومية يتم اتخاذها من قبل مجلس الوزراء وانما على عدة متغيرات داخلية وخارجية منها لا يمكن السيطرة عليها .

ولا شك ان عدم تحقيق قيمة الايرادات المقدرة سيزيد من قيمة عجز الموازنة وبالتالي الاضطرار الى زيادة الاقتراض لتمويل النفقات التى كان يفترض تمويلها من الايرادات المحلية مما سينعكس سلبيا على زيادة قيمة المديونية التي هي مرتفعة اصلا لذلك لابد من منح الاولوية في السير بتعديل القوانين والتشريعات ذات الاثر المالي على الايرادات المحلية (دون التاثير على اصحاب الدخول المتدنية والمتوسطة ) ليصار الى مناقشتها من خلال مجلس النواب القادم اضافة الى استكمال الاجراءات الحكومية الاخرى التي تضمنها برنامج الاصلاح الاقتصادي والمالي ,مع اهمية الاشارة الى ان الاستقرار السياسي في المنطقة وزيادة مساهمة القطاع الخاص في اقامة المشاريع الاستثمارية تلعب دورا هاما وكبيرا في تحقيق الاهداف المرجوة.

*د. عزالدين كناكرية امين عام وزارة المالية الاسبق