أطاحت العاصفة الثلجية التي عبرت البلاد الأسبوع الماضي بصور مرشحين ومقارهم ويافطاتهم، وربما بأحلامهم، وأحالت المقار إلى برك سباحة، واليافطات وخشبها والصور إلى حطب لمواجهة صقيع الثلج.
بعد العاصفة الثلجية أصبحنا نرى الدواوير والشواخص الإرشادية بوضوح، وذلك إثر سقوط صور المرشحين عنها والتي كانت تساهم في انعدام الرؤية دون تحرك من قبل الجهات المعنية.
"العاصفة" حملت إيجابيات على المخزون المائي، والزراعة، والمياه، ألا أن تكلفتها كانت أكثر على المرشحين الذين فشلوا في متابعة زياراتهم الميدانية للمقرات والروابط العشائرية، وطاح الثلج بقماش يافطاتهم وصورهم؛ ما يعني إعادة الكرة من جديد.
ومثلما كشفت الثلوج والأمطارعن رداءة الطريقة التي يتم فيها تثبيت المقار وصور ويافطات المرشحين للانتخابات النيابية، كشفت بموازاة ذلك عن عيوب في البنية التحتية لشوارعنا ومصارفنا ومناهلنا.
ما حصل خلال "العاصفة"، في شوارع عمان وأنفاقها، ومدن ومحافظات أخرى بات حديث الشارع، وفاكهة منتديات التواصل الاجتماعي، وكشف تدني الاستعدادات اللوجستية رغم إعلان الجهات المختصة استعدادها لمواجهة العاصفة الثلجية قبل حضورها.
الغريب أن ما حصل جرى رغم الحديث المسبق عن استعدادات لمواجهة الطوارئ. والسؤال المطروح، ماذا لو لم تكن تلك الجهات مستعدة للطوارئ، هل سيجرفنا السيل وسنجد انفسنا بالتالي في سد الملك طلال،"ربنا ستر"!!.
فيسبكيون، وهواة تواصل اجتماعي، وكتاب وصحفيون، عروا بغضب سوء إدارة الجهات المعنية للعاصفة الثلجية. وسأل زوار مواقع تواصل اجتماعي عن سبب سوء البنية التحية عندنا، وسر الاتهامات المتبادلة بين الجهات الحكومية المختلفة. ونحن بدورنا نريد أن نسأل أين ذهبت الأموال المخصصة للعناية بالطرق، والبنية التحتية، والصرف الصحي؟
أعادت تلك الظاهرة الحديث عن الفساد، وإن كان ذلك يؤشر إلى وجود شبهات فساد في عطاءات البنية التحتية المتعلقة بالشوارع في عمان وشقيقاتها المحافظات الأخرى، ومدى متابعة المسؤولين الحكوميين لحسن تنفيذ تلك العطاءات؟!.
ما جرى، وإن قال البعض إنه ليس له علاقة بفساد مالي، فإنه يؤشر لوجود فساد إداري محتمل، ما يرتب عليه فتح حلقات مساءلة سريعة من قبل الحكومة، والتوقف عن تبادل الاتهامات بين جهة وأخرى، والذهاب لمعالجة المشكلة.
احد المسؤولين في مؤسسة حكومية ظهر على شاشة التلفزيون الاردني، وفي معرض رده على سؤال عن سبب ما جرى قال: إن غزارة الأمطار كانت مفاجئة، رغم أن الجهة التي يمثلها الشخص عينه أعلنت قبل العاصفة الثلجية عن استعدادها لمواجهة العاصفة الثلجية، فأين الحقيقة؟!!.
مسؤول سابق حرص على التأكيد طوال استضافته في حلقة على شاشة تلفزيون آخر على أن مسؤوله موجود على رأس عمله، وأنه (المسؤول) يتابع التطورات أولا بأول.
لا نريد ان "نطبطب" على ما جرى، ونقول إنه أمر طبيعي، فما حصل ليس طبيعيا، فليس من الطبيعي أن تغلق المياه الأنفاق والشوارع، ويحاصر المواطنون.
نريد أن تقف الحكومة أمام الواقع، وتقول إن الجهة الفلانية أخطأت في عملها، وإن الجهة الأخرى كانت إيجابية، فمثلا الأمن العام والدفاع المدني كانا خلال تلك الفترات يقومان بواجبهما بشكل ملفت وإيجابي، ويقدمان صورة حضارية، بينما كنا نرى الشوارع تغلق والمناهل تتدفق منها المياه بشكل كثيف، ولهذا بات من حقنا معرفة من المسؤول؟.
إن كانت المسؤولية تقع على الأمطار والمنخفض الجوي فقط، فلا ضير، نريد من أحد المعنيين أن يخرج علينا ليقول إنه بعد التدقيق والتقصي تبين أن ما جرى ليس مسؤولية أحد، وإنما المسؤولية سببها كثافة الأمطار التي حولت عمان ومحافظات أخرى إلى بحيرات من المياه، وإن شوارعنا جيدة ومناهلنا سليمة والحق على المطر أو على الطليان!!!
من حقنا، نحن دافعي الضرائب، أن نعرف ما حصل ومسؤولية مَن، ولماذا حصل، وكيف كنا نقول إننا مستعدون لمواجهة العاصفة، وعند التجربة رسبنا في الامتحان؟.
Jihad.mansi@alghad.jo
الغد