فوجئت بالأمس بإعلان دائرة الأحوال المدنية والجوازات العامة استيفاء مبلغ ثلاثة دنانير رسما لاستبدال البطاقات الشخصية التي تم قصها لغايات الانتخابات البرلمانية بطريقة أفقدتها جزءا من معلوماتها، علما بأنني قرأت وغيري كثيرون صريحات سابقة عن استبدال البطاقة مجانا، لأكثر من سبب أقله أن القص لا شأن له بالمواطن بتاتا، فهو لم يتعمد إتلاف بطاقته، وبالتالي ليس عدلا ولا إنصافا تغريم المواطن ثمن فعل غير مسؤول عنه هو، فضلا عن أن استيفاء الرسم فيه نكث للعهد الذي قطعه مسؤولون على أنفسهم باستبدال البطاقة المقصوصة مجانا!
لعلنا نفهم الآن سر الإقبال المتواضع على الانتخابات البرلمانية، فقد سمعت من بعض المواطنين أنهم أحجموا عن الاقتراع خوفا من إتلاف البطاقة والاضطرار لتجديدها، وبالنسبة لي شخصيا، طلبت من الموظف المختص قص بطاقتي بعد الانتخاب بشكل رمزي لا يؤثر على المعلومات الموجودة فيها كي لا أضطر لتجديدها!
عقلية الجباية و"الانتقام" إن جاز التعبير، لم تكن غائبة عن قانون السير المؤقت، الذي صدر قبل أيام قليلة، وفيه في تشديد غير مسبوق على المخالفات والعقوبات المترتبة عليها، مثلا تنص المادة 63 من القانون على الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات او بغرامة لا تقل عن (1000) دينار ولا تزيد على (2000) دينار او بكلتا العقوبتين اذا تسبب سائق المركبة أثناء قيادتها بوفاة إنسان او تسبب بإحداث عاهة دائمة ناتجة عن ارتكابه مخالفات السير. وبحسب القانون أيضا يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على ستة اشهر او بغرامة مقدارها (500) دينار او بكلتا العقوبتين ووقف العمل برخصة القيادة لمدة سنة كل من يقود المركبة تحت تأثير المخدرات او المؤثرات العقلية او المشروبات الكحولية اضافة الى قيادة مركبة دون الحصول على رخصة قيادة. أما المادة 72 من القانون فتعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهرين ولا تزيد عن سنة او بغرامة لا تقل عن (500) دينار ولا تزيد على (1000) دينار او بكلتا العقوبتين كل من يوقف المركبة على تقاطعات الطرق وملتقياتها وتفرعاتها التي تسلكها القطارات وعدم تقيد سائقي المركبات بتعليمات وإشارات حارس ممر السكك الحديدية. وينص القانون ايضا على الحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ثلاثة اشهر او بغرامة مقدارها (250) دينارا او بكلتا العقوبتين ووقف العمل برخصة القيادة لمدة ستة اشهر من تاريخ ضبط الرخصة او حرمانه من حق الحصول على رخصة قيادة مدة لا تقل عن ستة اشهر من تاريخ بلوغه السن القانونية كل من يحاول الفرار من مكان الحادث وعدم تبليغ اي مركز امني او دورية شرطة بحادث سير ارتكبه سائق المركبة وتجاوز الاشارة الضوئية حمراء وقيادة المركبة بعكس الاتجاه المقرر على الطرق والشوارع اضافة الى ضبط السيارات الصغيرة والنقل المشترك والدراجات الالية بسرعة تزيد على الحد المقرر بأكثر من40 كم الساعة، كما يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن اسبوع ولا تزيد على شهر او بغرامة مقدارها (150) دينارا ووقف العمل برخصة القيادة لمدة ثلاثة اشهر من تاريخ ضبط الرخصة كل من يقود مركبة اثناء مدة حجز رخصة القيادة وقيادة مركبة برخصة قيادة لا تخوله فئتها حق القيادة وقيادة مركبة اردنية برخصة قيادة اجنبية وقيادة مركبة بدون لوحات ارقام امامية وخلفية. كما يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن اسبوع ولا تزيد على شهر او بغرامة مقدارها (100) دينار كل من يقود مركبة تنفث الدخان او تخرج اي مواد ملوثة اخرى وقيادة مركبة دون تغطية الحمولة واستعمال سائق مركبة الطوارئ الضوء المتقطع او استعمال اجهزة التنبيه الصوتية في غير الحالات المسموح بها واستعمال المسجل داخل المركبة بشكل يتنافى والاخلاق العامة اضافة الى تركيب او استخدام انوار او كشافات مبهرة غير مسموح بها.
ووفقا للقانون أيضا يعاقب بغرامة مقدارها (50) دينارا كل من يقود المركبة دون استخدام انوار الضباب او انوار القياس في حال وجود الضباب او الغبار ودخول مركبات الشحن الكبيرة والقلابات داخل الاحياء السكنية لغير الغايات المخصص لها وعدم ترك مسافة امان كافية اثناء التتابع في حال قيادة المركبة والرجوع الى الخلف بصورة تؤدي الى عرقلة حركة السير اضافة الى عدم التقيد بشاخصة قف او خط التوقف!!!!
المتأمل بالتعديلات الجديدة على قانون السير يرى أن كل من يتحرك بسيارة على الأرض هو مشروع سجين، كما عليه أن يحمل في محفظته ما لا يقل عن ثلاثمائة دينار كي يكون مستعدا لدفع الغرامات المغلظة، بل أكاد أزعم أن أي سائق مهما بلغ حرصه سيكون ضحية مناسبة لضبط مخالفة مهما حاول أن يلتزم بقواعد وأصول السير!
نشعر بأهمية وقف المذبحة التي تقع كل عام على طرقنا وتزهق أرواح أبرياء، وتهدر ملايين الدنانير، لكننا في الوقت نفسه نصرخ بأعلى صوت: ليس بوسع المواطن تحمل هذا الكم الهائل من الجباية الحكومية، من فواتير ورسوم وغرامات، وفوق هذا وذاك رفع أسعار وقع جزء منه، وسيقع الجزء الأصعب بعد رفع مشتقات البترول، التي ستحرق قلوبنا جميعا!
helmi@nabaa.net