نتنياهو زار الاردن لبحث منع نقل "كيماوي" سوريا لـ'حزب الله'
09-01-2013 06:42 AM
عمون - من سيعلن الانتصار او من هو الذي يعيش فصاما عن الواقع، الاسد ام الولايات المتحدة وبريطانيا، اسئلة لا تزال تطرح حول خطاب الرئيس السوري بشار الاسد، الذي القاه يوم الاحد بعد غياب سبعة اشهر عن المشهد العام، حيث لم ير الا في لقطات تلفزيونية ومقابلة اخيرة له مع 'روسيا اليوم'، التي اكد فيها انه سيعيش ويموت في سورية ولن يرحل.
لكن خطابه الاخير بدد كل الشائعات حول مصيره ومكان وجوده، مع ان المعارضة قالت ان اختيار دار الاوبرا مسرحا لخطابه 'المسرحي' جاء لانها تقع على بعد خمس دقائق من القصر الجمهوري، فالرئيس معتاد على القاء خطاباته المهمة في قاعة المؤتمرات الكبرى على طريق المطار.
ومهما تكن رمزية المكان فالخطاب منح اول رؤية واضحة للرئيس عن خطط المستقبل ورؤيته للوضع في سورية، فقد اعترف ان سورية تعيش ازمة وان الوضع لن يصح الا بعد ان تتوقف الدول الداعمة للجماعات المقاتلة 'الارهابية' بدعمها بالمال والسلاح. فخطاب اللاءات الكثيرة، حسبما جاء في افتتاحية 'واشنطن بوست' لديه قيمة واحدة على الاقل وهي وضوح الرؤية، لا تنحي، لا تفاوض مع المقاتلين، لا تنازل، وعوضا عن ذلك قال انه سيقاتل حتى النهاية اعداء الله ودمى الغرب.
ليس وحده المسؤول
وتشير الصحيفة الى رد الخارجية الامريكية على الخطاب بأن ملقيه منزوع من الواقع وان ما جاء فيه يقوض الجهود الدبلوماسية التي يقودها الاخضر الابراهيمي، المبعوث الدولي. وتضيف الصحيفة انه وبعد 22 شهرا من الانتفاضة والحرب التي خسر فيها مؤيدو النظام الكثير من الاراضي، يأتي الاسد ويعرض نفس الصيغة السياسية الفارغة والشعارات حول الارهابيين التي تمسك بها طوال الازمة. فالاسد وعلى الرغم من المأساة التي تعيشها سورية الا انه لا توجد اية اشارة تدفع الاسد لمواجهة الواقع في القريب العاجل.
وهذا يعود الى معضلة اخرى تتعلق بالخصم الذي يقاتل الاسد، فعلى الرغم من الانجازات التي حققها المقاتلون على الارض، الا انهم لا يزالون يفتقدون التماسك والمعدات العسكرية الثقيلة الكافية لانهاء النظام وقدراته العسكرية التي يستخدمها الاسد لضرب المدن.
فالتقارير الاخيرة تشير الى ان قدرات المقاتلين بدلا عن زيادتها وتطورها بدأت تقل، وهذا عائد الى عدم رغبة الغرب بتقديم دعم للمقاتلين، خاصة امريكا الخائفة من بعبع الجهاديين. كل هذا والازمة الانسانية تتفاقم كل يوم من تدفق اللاجئين الى دول الجوار، وتشردهم داخل بلادهم وتزايد في عدد القتلى، حيث وضع تقرير مكتب الامم المتحدة الارقام الذين قتلوا من الطرفين بحوالي 60 الفا، اي اكبر من العدد المتداول وهو 40 الفا، ويتوقع ان يرتفع العدد الى اكبر من هذا ان استمر القتال.
وبالعودة لافتتاحية 'واشنطن بوست' فخطاب الاسد الذي اظهر انه وزمرته متمسكون بمواقفهم كشف عن السياسة الامريكية تجاه الازمة السورية عديمة الجدوى. وتعلق على بيان الخارجية الامريكية الذي بدأ بشجب الخطاب، واصفة اياه بانه يقوض الجهود الدبلوماسية، وختمته بالقول انها ستواصل العمل لدعم المبادرة الاخيرة التي تقدم بها الابراهيمي والتي رفضها الاسد في خطابه، فالادارة الامريكية مثل النظام السوري اصبحت عصية على فهم الواقع الحقيقي وتطوراته. ومن هنا فالاسد لا يتحمل وحده مسؤولية المذبحة الجارية في سورية، ولكن المجتمع الدولي الذي حمله تقرير مكتب الامم المتحدة لحقوق الانسان في جنيف المسؤولية، وجاء على لسان نافي بيلاي مفوضة الامم المتحدة لحقوق الانسان قولها، ان فشل المجتمع الدولي، خاصة مجلس الامن باتخاذ موقف حازم يخجلنا جميعا، خاصة ان السوريين يتساءلون دائما 'اين المجتمع الدولي؟'.
البعبع الجهادي
وبنفس السياق كتب المعلق السياسي في صحيفة 'الغارديان' سايمون تسيدال مقالا قال فيها ان ويليام هيغ واوباما ربما كانا هما المنفصلان عن الواقع لا الاسد. ويقول الكاتب ان اهم سلاح فعال يملكه الاسد هو اقناع الداعين للتدخل العسكري ان القادم هو الاسوأ ان تدخلوا. ويذهب الكاتب الى القول ان بيان الخارجية الامريكية يقول نفس الشيء عن ادارة اوباما والدول الغربية واعداء الاسد العرب وبمبرر قوي. فبعد عامين من حرب الاستنزاف في سورية، الحقيقة المرة تؤشر الى ان الاسد هو الذي سيقوم باخراج اعدائه من اللعبة لا هو ويعلن بالضرورة الانتصار. ويرى ان الانتصار هذا لا ينبع اولا من قدرات الاسد على الاقناع فهي محدودة، ولا من العدد المحدود من الانصار الذين يظلون اقلية، ولا من قسوة الاساليب العسكرية التي يستخدمها ضد اعدائه، ولكنه ينبع من حس النجاة عنده ومن قدرته على اقناع الداعين للتدخل العسكري ان الاسوأ سيحصل في سورية. فعندما يبدأ معلقون امريكيون كبار من امثال ديفيد اغناطيوس الكلام عن 'الحقيقة والمصالحة' فافهم ان الحرب قد انتهت او خسرها الخصم.
ويقول ان عمليات اعادة التعليم في اسس الجغرافيا السياسية للمنطقة كانت متدرجة ولكنها كان فعالة ـ ولعل اهم عنصر فيها هو التحذير من العنصر الجهادي، فعامل التخويف الجهادي يعود الى الفيديو الذي بث لزعيم 'القاعدة' ايمن الظواهري الذي دعا المسلمين في العالم للقتال في سورية للاطاحة بنظام الاسد.
ومنذ ذلك الوقت اي شباط (فبراير) العام الماضي والرسالة قد انتشرت في كل مكان، حسبما ينقل عن توبياس فيكن المحلل الاسترالي، فقد وصل عدد المتطوعين الاجانب في الحرب السورية الى 2500 من انحاء مختلفة وبعيدة مثل اقليم تشيانغاع المسلم في شمال الصين، وقد انتشروا في كل الوية الجيش الحر والفصائل الاسلامية، من لواء التوحيد وجبهة النصرة واحرار الشام وغيرها.
تغيرات في الموقف
ويرى الكاتب ان بزوغ الحقيقة التي تقول ان سورية لن تكون ليبيا او مصر، حيث كانت نتائج التغيير فيها واضحة، بل ستتحول الى دولة فاشلة وساحة جديدة لـ'القاعدة' تركت اثرا كبيرا على المواقف الغربية وامريكا.
وقد تضاعفت هذه الجهود مع التقارير الاستخباراتية الامريكية والاسرائيلية من ان الاسلحة الكيماوية التي يملكها النظام قد تقع في يد الجماعات الجهادية. ويلحظ ان الطريقة التي يتصرف فيها الغرب تجاه النظام السوري قد تغيرت في الاشهر الاخيرة، فعلى الرغم من استمرار الدول الاوروبية، خاصة فرنسا المطالبة بخروج الاسد من السلطة مباشرة وبدون شروط ، الا انها وفي نفس الوقت لم تتخذ الاجراءات اللازمة كي يتم تحقيق هذا الهدف، ونعني هنا توفير الدعم اللوجستي والعسكري للمعارضة، حيث لم يعد خيار التسليح قائما. فالجيش الحر يعاني الان من ازمة سلاح، على الرغم من الائتلاف الذي شكل بدعم غربي، الذي كان من المفترض ان يكون القناة التي تصل منها الاسلحة للمقاتلين في الداخل، بل حتى صقور تسليح المعارضة مثل السعودية بدأوا يعيدون التفكير في مواقفهم، حيث اخذوا يفكرون في مرحلة ما بعد الاسد والفوضى التي ستنشأ.
ونفس الامر يقال عن الخطط الاسرائيلية لبناء جدار مانع على الحدود مع سورية وكذا ارسال منظومة صواريخ باتريوت الى الحدود الجنوبية لتركيا مع سورية، فالهدف ليس تحرير سورية ولكن منع عدوى الحرب الاهلية من الانتقال الى اراضيها.
ويقول تسيدال ان حقيقة تعامل بريطانيا والولايات المتحدة مع المهمة الثانية للامم المتحدة بقيادة الاخضر الابراهيمي بنوع من الفتور، وحقيقة غياب الضغط المتواصل على فلاديمير بوتين للتخلي عن الاسد، وحقيقة استمرار اصدار الاصوات المزعجة تستبعد التدخل العسكري، وحقيقة عدم وجود جهود دولية انسانية لمساعدة اللاجئين السوريين في دول الجوار كلها تشي بعدم جدية الغرب الاطاحة بنظام الاسد، مما يعني ان رسالة الاخير قد وصلت. وقد ادى هذا ببعض المحللين للقول ان غياب الضغط على الاسد يعني انه سيبقى في السلطة حتى العام المقبل 2014، فعلى الرغم من كل الزعيق والعويل فالاسد لم يظهر اية اشارات عن تزحزحه عن موقفه. ومن هنا يقول تسيدال ان الوقت حان ان تقوم بريطانيا والولايات المتحدة بالتعامل مع الواقع كما هو وليس كما كان.
السلاح الكيماوي
ولعل المخاوف من السلاح الكيماوي السوري تظل في قلب التردد الدولي او عاملا يدفع باتجاه التدخل العسكري، فقد قدمت صحيفة 'نيويورك تايمز' تفسيرا لما جرى من نقاش حول التهديد الكيماوي السوري، حيث قام قادة عسكريون اسرائيليون بارزون قاموا بالاتصال مع وزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون) لمناقشة المعلومات الاستخباراتية التي كشفتها صور فضائية واظهرت قوات سورية وهي تقوم بمزج مواد كيماوية في موقعين لتخزين السلاح الكيماوي السوري، حيث اعتقدوا ان المواد التي كانت تخلط هي غاز الخردل من اجل تعبئته في قنابل زنة الواحدة منها 500 رطل والقائها من الطائرات.
وكان هذا في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، حيث تم اخبار الرئيس باراك اوباما بالنشاط السوري، مما ادى لتزايد القلق عن ذخائر تم تحميلها على عربات قرب قاعدة جوية سورية. وبحسب التقرير المقدم للرئيس اوباما فالرئيس الاسد قد امر باستخدام السلاح الكيماوي والقائه من الطائرات في مدى ساعات بشكل لم يكن لدى الولايات المتحدة الوقت للرد.
وبحسب الصحيفة فما تبع ذلك من تحركات اظهر تعاونا دوليا حول الحرب الاهلية السورية، حيث اصدر اوباما تحذيراته بان الاسلحة الكيماوية وقيام النظام باستخدامها يعتبر تجاوزا للخط الاحمر الذي تحدث عنه اوباما، فيما تم ارسال رسائل تحذيرية للنظام السوري عبر روسيا، وتركيا والعراق وربما الاردن كي يوقف عمليات خلط المواد الكيماوية، وبعد اسبوع اعلن وزير الدفاع الامريكي ليون بانيتا انه تم تجاوز الازمة، على الاقل في الوقت الحالي، مشيرا الى ان النشاطات توقفت.
ومع ذلك فالمخاوف من استخدام الاسد للاسلحة لم تختف حسب مسؤولين امريكيين واوروبيين، فقد نقلت الصحيفة عن مسؤول دفاعي قوله ان روسيا 'فهمت ان الاسلحة النووية ستجعلنا نتدخل' عسكريا. وبحسب المسؤول فالاسلحة مخزنة في مواقع قرب القواعد العسكرية الجوية كي تكون جاهزة للاستخدام. ومن هنا فحادثة تشرين الثاني (نوفمبر) احيت النقاش من جديد، وان كان على الادارة الامريكية مساعدة المعارضة تدمير القواعد العسكرية الجوية، التي يحتاجها النظام لرمي القنابل هذه.
وكانت مجلة 'دير شبيغل' قد نقلت عن رئيس الاستخبارات الالمانية تحذيره الشهر الماضي من ان الاسلحة الكيماوية يمكن نشرها في غضون خمس او ست ساعات من اصدار الاسد الامر باستخدامها، حيث يعمل الى جانب الرئيس السوري مستشار يشرف عليها، ولكن مسؤولين امريكيين ومن دول حليفة يقولون ان القنابل المعبأة بغاز السارين يمكن ان تحمل في الطائرات في غضون ساعتين. ولا يعرف كيف سترد امريكا واسرائيل والحلفاء العرب، مع ان هذه الدول تحدثت عن خطط طارئة، خاصة ان البنتاغون تقول ان اية عملية عسكرية لتأمين الاسلحة تحتاج الى 75 الف جندي.
وكانت واشنطن قد ارسلت فريقا من 150 عسكريا ومخططا امنيا للاردن لمراقبة النشاطات العسكرية السورية، فيم زار رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الاردن في الاسابيع الماضية، وكان الموضوع الذي دار حوله النقاش هو امكانية نقل السلاح الكيماوي للبنان، حيث سيكون بامكان 'حزب الله' نشرها على الحدود مع اسرائيل. وتشرف على الاسلحة وحدة في القوة الجوية يطلق عليها 'الوحدة 450 ' وتعتبر من اكثر الوحدات ولاء للنظام. ونقل عن مسؤول امريكي قوله ان الرسائل التي تم اعتراضها في الاونة الاخيرة اظهرت ان النظام ارسل للوحدة رسائل تحذرها وتحملها المسؤولية حالة تم استخدام الاسلحة، ورفض المسؤول الكشف ان كانت هذه الرسائل قد تم التأكد منها ام لا لحساسية الموضوع.
باتريوت للدفاع أم للاحتلال
كل هذا في الوقت الذي وصلت فيه منظومة اسلحة باتريوت للحدود التركية مع القوات الامريكية التي ستشرف عليها. وستكون القوات نفسها تحت الحماية خوفا من المشاعر المعادية لوجودها بين مواطني المناطق الجنوبية ومعظمهم من الطائفة العلوية، حيث نقلت الصحيفة عن مواطن قوله انهم لا يريدون هذه الاشياء 'بيننا وبين جيراننا'، مضيفا انها خطأ وانها لن تؤدي الا الى المشاكل. لكن اتراكا اخرين يقولون ان المنظومة قد تسهم في حمايتهم وابنائهم من الصواريخ التي كانت تضل او تخطئ الهدف، وذلك حسب احد مواطني قرية ريحانلي التي يسكنها اتراك سنة.
وقال احد مواطني البلدة التي صارت تعرف بـ'سورية الصغيرة' ان الكثير من الاطفال والنساء قتلوا وانه بوجود المنظومة سيواجه جيش جيشا في حالة حدوث مواجهة بعدما كان الجيش ـ اي السوري يواجه اطفالا ونساء. وحتى الآن تم نقل 400 جندي امريكي جوا من قاعدة انجريلك الجوية في جنوب تركيا للحدود وسيصل اخرون في القريب. وسيقوم الجنود بالاشراف على صواريخ باتريوت في بلدة غازي عينتاب، فيما ستقوم القوات الالمانية والهولندية بالاشراف على بطاريات باتريوت في عدد اخر من المدن التركية.
ويرى سكان قرى مثل 'حاجي باشا' ان المنظومة تعتبر درعا قويا، خاصة ان الحرب اصبحت جزءا من حياتهم اليومية. والبلدة القريبة من سورية سقطت فيها صواريخ، كما انهم يقومون باجتياز النهر للجانب الاخر لمساعدة الجرحى السوريين. ولاحظت الصحيفة ان الانتقاد الاكبر للمنظومة جاء من اهالي بلدة انطاكية التي يعيش فيها علويون، حيث قال احدهم ان الهدف ليس من اجل حماية القرى التركية، مضيفا انه لا يعتقد ان صواريخ سورية ستسقط على تركيا. ويرى اتراك ان ما يهمهم هو الوضع الاقتصادي لا صواريخ الباتريوت لان الازمة السورية اثرت كثيرا على اعمالهم التجارية.
عن القدس العربي