انتم جلبتم الاحتلال ونحن طردناه... هذا مقطع من حوار بين رجلين قاوما في زمنين مختلفين : واحد مارس المقاومة من باب تحسين الدخل واخر قاوم من اجل تحسين الوطن، الاول استعان بفيليب حبيب لكي يتمكن من مغادرة ارض المعركة بسلام والاخر استعان بالله لطرد المحتل، هذا هو باختصار شديد الفرق بين بيروتين واحدة عام 1982 اما الاخرى فهي بيروت عام 2000.لقد طوى النسيان الاف الاهازيج والاغاني الثورية ومئات الدواوين الشعرية التي تغزلت في الحقبة الاولى، ولم يتبق غير ذكريات فردية لمبدعين وانصاف مبدعين عاشوا او اعتاشوا على هوامش تلك الحالة، ولم يكتب طول العمر لاي مبدع الا لمن استطاع ان ينجز قطعا معرفيا ووجدانيا تاما مع تلك الذكريات.
كانت بيروت مهوى الافئدة في غابر الزمان خصوصا عندما كان للسهر معنى سواء على الثغور او لمراقبة اهتزاز الخصور وفي الحالين فان السهر لا يرهق عيون المقاتلين خصوصا اولئك الذين احتفظوا بالرصاص كاملا في جيوبهم حتى بعد انتهاء المعركة.
قف وفكر ليست مقالة بل منشور يهطل كالمطر من غيمة فولاذية على رؤوس سارقي البنوك باسم الثورة فيقرأون ما تيسر من صنوف الهوان، والمضحك المبكي انهم قرأوا وفكروا ثم قدروا ان الغيوم الفولاذية صادقة في نصائحها فاصاخوا السمع لهديرها المرعب وامتطوا صهوة اول سفينة غادرين بمن بقي ومغادرين، لكنهم بجرأة يحسدون عليها اشبعوا اخوتهم بطولة في وطنهم الاول وواصلوا الليل بالنهار يتحدثون عن بطولات متوهمة ولسان حال السميعة يقول : لا تصدقوا شابا تغرب ولا شايب ماتت اجياله.
في الوطن النهائي وليس الثاني لا احد يضع المسدس في صابرك كي تكتب غزلا باحد، وكذب من ادعى ذلك سواء قبل ثلاثين عاما ام بعد قرن، وفي الوطن النهائي لا الثاني تنتصر لك الدولة حين تتعرض الى ظلم وتطرد من وظيفتك فتعيدك اليها معززا مكرما لان المواطنة صنو العدالة والنظم الحكيمة تنظف جراح مواطنيها اولا باول لئلا يخزن الجرح كما يقول اهل العراق.
كما ان الوطن النهائي لا يقبل استعارة التجارب المذلة خارج الحدود ولا يقبل اسقاطات واستعارات تنقصها الحكمة، فلا يستقيم تشبيه القلم الحر بالطائرة المعادية ولا يستقيم ايضا وصف الصحف الزميلة بسماء المدن المحاصرة.
هل يكفي ان نقول عيبا لمثل هؤلاء؟.
ربما لا يكفي لذلك نستطرد فنقول سامحك الله.
لم نقل :قف وفكر فهذه لغة الغيوم الفولاذية بل قلنا لنقف ونفكر وهي دعوة حميمة بين اخوة لتدبر امر في البيت الواحد فهل فهمت الفرق ايها الرفيق؟.
samizbedi@yahoo.com