لا أدري إن كان من اختصاص أصدقاء البيئة والجمعيات المدافعة عنها ما تتلوث به أسماعنا وأبصارنا من قبل بعض المحطات الفضائية الخاصة ، أم أنها مسؤولية جهات الترخيص المعنية كهيئة المرئي والمسموع .
فما نشهده من تفريخ سريع لتلك الفضائيات التي لا هم لها سوى جني الأرباح حتى لو ملأت ساعات بثها بالكلام الفارغ وأرهقت عيون المشاهدين بأشرطة الدعاية والأخبار وتعليقات الرسائل القصيرة من قلة من المشاهدين ، لا بد وأن يستدعي تدخل جهة ما ، لوقف تلك المهازل .
قد يقول قائل ، أن لا أحد يجبر آخر على مشاهدة محطة رغماعنه ، لكنه الفضول والإحساس بإفساد تلك المحطات للذائقة العامة للمواطنين هو ما يدفعني لمشاهدة بعض ما تبثه بين الفينة والأخرى ، فكانت مشاهدتي الأخيرة لبرنامج يقلد ( الإتجاه المعاكس) ، لكنه بإمكانيات متواضعة من حيث مكان البث أو التصوير وقدرة المذيع على الفتنة بين ضيفين نكرتين حتى في مدنهم وقراهم الصغيرة ، قدمهما بداية الحلقة على أن أحدهما ناشط سياسي والآخر ناشط حراكي مع أن بإمكانه منح أيا منهما شهادة خبير استراتيجي أو فقيه دستوري دون الحاجة للرجوع إلى رئيس الجامعة ( الفضائية ) أو مجلس عمدائها فالشهادات تمنح من الفضائيات شفويا وعلى الهواء مباشرة لأي ضيف .
أما الموظفون ومذيعو البرامج في المحطة فيحصلون على لقب الإعلامي المميز منذ اللحظة الأولى لدخول مقر الفضائية ليستطيع بعد ذلك أحدهم الترشح للإنتخابات النيابية بإسم الإعلامي فلان ، أو تأسيس فضائية جديدة بعد اكتشاف سهولة ذلك وقلة التكاليف .
اعتاد الكثير من ضيوف تلك المحطات الإستخفاف بإنجازات المملكة في كل المجالات بل وإنكارها في كثير من الأحيان ، وتضخيم العيوب والتركيز عليها بطرق فجة دون تقديم أي وثيقة تدلل على صحة الإدعاء وغالب الظن أن معظم الضيوف يأتون إلى مقر المحطة دون السؤال عن قضية الحوار ( البرنامج ) بل لمجرد الظهور على إحدى الشاشات ، ولا يعني ذلك بالطبع أنه لا يوجد هنالك من الضيوف المحترمين الذين قد يظهرون من حين إلى حين .
من حق أي مؤسسة خاصة بما فيها الفضائيات أن تسعى لتأمين الدخل المالي المناسب لتغطية نفقاتها وتحقيق أرباحها ، لكنه ليس من حقها تظليل المشاهد بمعلومات قد لا تمت إلى الحقيقة بصلة ، يطلقها ما هب ودب من الضيوف وبالأرقام لرسم هالة من الثقة حولها والتدليل على صحتها ، بدلا من التقيد بأساليب الإعلام الهادف والتحقق من دقة المعلومة للنهوض بالمجتمع بكل مناحي الحياة ، بعد أن أصبح للشاشات الفضائية والإعلام بشكل عام دورا أساسيا في التنشئة قد يفوق دور الأهل والمدرسة .
mustafawaked@hotmail.com
الرأي