مبادرة جيدة أن يطرح جلالة الملك رؤيته الإصلاحية للنقاش والتحاور حولها، فالحوار الموضوعي الهادف هو أصدق وسيلة تمهد الطريق لبناء القناعات ورسم السياسات واتخاذ القرارات بالتالي، ويقيناً فإن كل مهتم بالشؤون الوطنية الأردنية لا بد وأن يسهم في هكذا حوار، ويقيناً كذلك فإن الحوار يفتح الآفاق وينقي الصدور ويوصل إلى محطات مهمة جداً من التفاهم الذي يفضي إلى التوافق حول سائر الأمور المفصلية في حياة الدولة!.
إن من الحكمة ربما إيجاد آلية مؤسسية للحوار الذي يدعو إليه رأس الدولة حول رؤيته الإصلاحية، ولا بأس مثلاً في دعوة الحكام الإداريين في سائر أنحاء البلاد لتولي جانب رئيس في هذه المهمة، من خلال عقد لقاءات حوارية دورية بالتعاون مع الهيئات الشعبية ومؤسسات المجتمع المدني في مناطقهم يفتح فيها النقاش حول الرؤية الإصلاحية الملكية ورقة بورقة، وصولاً إلى تفاهمات يجري نشرها عبر وسائل الإعلام المحلية العامة والخاصة ولإطلاع الجميع.
ما نحتاجه في الأردن هو الحوار الصريح المستند إلى نيات سليمة لا تنطوي على مواقف مسبقة يجري التمترس خلفها بعناد، وإنما هي مؤهلة للفهم والتفاهم بمرونة إنسانية تدرك أن هذا الكون الذي يضمنا جميعاً أعظم وأكبر بكثير من إدراكنا الحسي والعقلي، وأن لا شيء عصي على الإصلاح عندما تخلص النوايا ببراءة وتقوى وضمير حي.
آلية الحوار أمر ضروري لمأسسته وتنظيمه كي يؤتى ثماراً ونتائج، ولا مجال أمام الناس لأن تلتقي وتناقش وتتحاور إلا من خلال آلية محددة، وهي آلية قد تتطور بتقادم الأيام عندما تكون شمولية في جميع المحافظات، لتتبلور بصيغة مؤتمر وطني عام يتدارس الآراء والتوصيات الآنية من كل أنحاء البلاد، وصولاً إلى استراتيجيات محددة ومعلنة حول كافة أمور الوطن.
والله من وراء القصد...