هل السمة الغالبة على مجالسنا النيابية هي الحل ؟ وهل حل المجالس ظاهرة ايجابية ام سلبية ؟ وهل سببها محاولات تغول المجلس على الحكومة ام العكس؟ أم قيام المجلس بدوره مما يضعف دور الحكومة التي لا ترغب ذلك ؟ أم أنه غياب للفهم الحقيقي لتكامل عمل المجلس مع الحكومة ؟ . أسئلة وأسئلة يطرحها المتابع لسجل مجالس النواب الاردنية منذ عهد الامارة ، ولعلنا نسأل ونتساءل حول صلاحية الملك الدستورية بحل مجلس النواب ، هل هو تجاوز لدور المجلس وصلاحياته الدستورية أم مصلحة عليا لخلق التوازن بين السلطات وحمايتها من ان تتغول الاولى على الاخرى خاصة ونحن لا نعيش حالة حزبية بامتياز تكبح جماح عمليات الهيمنة البرلمانية ؟..أسئلة وأسئلة تطرح نفسها علينا وتفرض وجودها في نقاشنا الديمقراطي .
نعم إن سمة التاريخ النيابي في الاردن هي حل المجالس قبل اكتمال مدتها الدستورية . تاريخ المجالس يشير الى ان 12 مجلسا من أصل 16 حُلّت أي 75% من المجالس النيابية الاردنية رحلت قبل اكتمال مددها الدستورية ، منها ما كان سببه عدم الانسجام بين الحكومة والنواب ممثلة بـ 6 مجالس منها الرابع والخامس والسادس والسابع ، ومنها ما كان بسبب سخط الشارع العام وغضبه من النواب والحكومة كما هو الحال في المجلسين الخامس عشر والسادس عشر . ومنها ما كان لأسباب سياسية كضم الضفتين وفك الارتباط مع الضفة الغربية كالمجلس الثاني ، والحادي عشر على التوالي.
عملية الحل بالمعنى الديمقراطي الدستوري مرفوضة ولا يمكن ان تكون في مصلحة الناس الا اذا كان المجلس نفسه لا يمثل الناس ، ولا يعبر عن حقيقة تطلعاتهم كما هو الحال في المجلس الرابع عشر والخامس عشر ، على اعتبار ان حل المجالس يقزم دورها ، ويضعف هيبتها ويبخس مخرجاتها ، ويضعف ثقة الناس بها ، وهذا بدوره يساهم في تأخر الحياة الحزبية من باب عزوف الكثيرين من الرموز السياسية عن المشاركة او حتى التوسع بالعمل الحزبي على اعتبار ان النتيجة واحدة والجهد يذهب هباء ، خاصة اذا تعززت ثقافة المال والجاه والتدخلات السافرة في العملية الانتخابية ؟
من الطبيعي أن نقول إن البرلمان سيد نفسه ولا يستطيع احد أن يستقوي على المجلس او حله ، وهذا صحيح مئة بالمئة اذا كان هناك نضوج في العملية الحزبية ، ويكون للمجلس تمثيل حقيقي عن الاحزاب الرئيسية التي انضوى الناس جميعا تحت الويتها وتتسابق ببرامجها لتشكيل الاغلبية ، ووجود احزاب معارضة تراقب عمل هذه الحكومات وتضبطها ضمن مفهوم تداول السلطة. لكن التجارب اشارت الى ان جنوح النواب نحو المكاسب يمكن ان يشكل عائقا امام دور المجلس في الرقابة والتشريع ، وبالتالي تمثيل المواطن. وإن أية حالة توافق بين النواب والحكومة على منافع مشتركة ستؤدي الى اخلال بالعملية الديمقراطية كما حصل في المجلس الرابع عشر ؛ ولهذا فان ثوران الشعب ورفضه لاداء اي مجلس يحتاج لآلية ضامنة تمكنهم من تحقيق تطلعاتهم وبالتالي فان وجود هذه الصلاحية في مثل ظروفنا (حيث لا نضج حقيقيا لمفهوم الاغلبية النيابية وحكومات البرلمان ), فإننا مضطرون لأن نطالب بابقاء مثل هذه الصلاحيات بيد الملك حتى نجد الاحزاب وقد تجذرت مفاهيمها وأداؤها وبرز التنافس البرامجي لنيل ثقة الناس ؟
السؤال الذي يطرح نفسه الان :- هل نحن على بداية مرحلة جديدة ، حيث شفافية الانتخابات ونزاهتها ؟ وهل سيكون الفائز هو من اختاره الناس باية طريقة وشكل انتخابي ؟ وهل ما تم من اصلاحات دستورية وسياسية مثلت بداية موفقة لاعادة العملية الانتخابية الاصلاحية إلى مسارها الصحيح ؟ ( حلقة 2 ستتناول المجالس النيابية منذ عهد الإمارة )
Ad_alzoubi@alarabalyawm.net
العرب اليوم