شخصيا، لم يحمل العام المنصرم 2012 أي جديد أو مفيد، وإنما العكس؛ كان سلبيا بكل المقاييس، وفعل فعلته بي على أكثر من صعيد.
فلم يكن العام 2012، منذ بدايته وحتى نهايته، مريحا أو على مستوى الطموح، وحمل في أشهره وأيامه أخبارا سلبية أكثر بكثير مما حمل من أخبار إيجابية. وكانت تتملكني رغبة شديدة في ذهاب أيامه ولياليه بخير وسلام، ولكنه أبى أن يمضي بدون أن يخطف ابن عمي، وبدون أن يعبث بطريقة حياتي.
لا أريد أن أدخلكم في بؤرة غضبتي الشخصية من العام 2012، وأن أسبغ عليكم موقفي السلبي منه؛ إذ يمكن أن يكون العام المنصرم من أفضل الأعوام على بعض الناس، ومن أكثرها روعة وبهجة وانتعاشا. ولهذا، سأخرج من الهم الشخصي لأدخل في الهموم العامة التي أسبغها علينا العام المنصرم، وأثرت على الجميع وليس علي بشكل شخصي.
سياسيا، لم ألمس أن العام 2012 كان إيجابيا على سواد الناس، وإنما شعرت بثقله عليهم في شتى المناحي، سواء داخليا أو عربيا، إقليميا أو عالميا.
صحيح أنه قد تم في العام المنصرم حل مجلس النواب السادس عشر، وهو خبر حاز على رضا كثير من الناس، ولكننا خلال ذاك العام دخلنا في مخاض طويل لم نستطع عبره التوصل إلى قانون انتخاب توافقي تجرى بموجبه الانتخابات المقررة في الثالث والعشرين من الشهر الحالي.
كان الأمل يحدونا بأن نذهب جميعا، بكل مشاربنا وتوجهاتنا وأفكارنا ورؤانا، إلى الانتخابات النيابية متوافقين راضين بما توصلنا إليه، وأن نترك للمواطن الحكم النهائي من خلال صندوق الاقتراع. لكن، أما وقد حصل أن قاطع البعض الانتخابات لأسباب تبدو وجيهة بحسبه، وغير منطقية بحسب جمهور آخر، فإن من واجبنا نحن جمهور الناخبين البحث عن النائب القادر على الانتقال بنا إلى أفق أرحب وأوسع وأكثر إصلاحا وعدالة اجتماعية، وأن نبحث عن النائب الذي يحدثنا عن الوطن بكل ما يشمله من فسيفساء رائعة، وليس عن النائب الذي يريد أن يتركنا فرقا وقبائل وحمائل وعشائر وشماليا وجنوبيا وشرقياا وغربيا.
نعم، بالطريقة تلك يمكن أن نفرز مجلسا نيابيا أكثر تمثيلا وعدالة؛ مجلسا قادرا على ضم جميع المشارب والتوجهات تحت جناحيه، حتى وإن قاطع البعض الانتخابات واكتفى بالمشاهدة؛ مجلسا قادرا على جلب المقاطعين إلى بيته ومنحهم الحق في قول ما يريدون والتعبير عما يشاؤون، وعدم تركهم شهاد زور على المرحلة.
الرهان هو أن نفرز مجلسا نيابيا يسمع للآخر، ويتحاور معه، ويستوعبه، ولا يلغيه ولا يرفض وجوده؛ مجلسا تشريعيا يعبر عن رغبات الناس، وينقل همومهم وطموحهم.
قد يراني البعض متناقضا بعض الشيء، ولكنني أقول سأكون أكثر تفاؤلا وأنا على أعتاب بوابة العام الجديد؛ فلا ضير أن أعبّر عن أملي بأن يكون العام 2013 عام خير وإصلاح وبركة وإشراق وتوافق واحترام للرأي والرأي الآخر، بدون تشنجات وبدون تخوين.
أما على الصعيد الفلسطيني ونحن الأقرب لشعبها، والأكثر إحساسا بما يعانيه من نير الاحتلال، فخلال العام 2012 عاد المحتل إلى ممارسة غطرسته على الشعب الفلسطيني في غزة، وواصل سياسة قضم الأرض وبناء المستوطنات في الضفة.
باختصار، مضى العام 2012 وفلسطين ما تزال محتلة رغم حجم التسلح الهائل الذي قامت به بعض الدول، إلا أن ذاك التسلح لم يكن موجها إلى الغاصب المحتل، وإنما إلى تقسيم وتفتيت دول والعبث بأمنها واستقرارها.
مضى العام 2012 ومصر تراوح بين دولة علمانية أو إسلامية، وسورية تعاني، وتونس لا تنعم بربيعها الذي من الظاهر أنه انقلب خريفا، وليبيا مفتتة بين مليشيات.
أما على الصعيد الاقتصادي، فإنني لا أريد أن أنكأ جرح المواطن الذي اكتوي بلهيب رفع الأسعار من جديد، ولكني سأقول كان الله في عونه، والأمل أن تخف وطأة معاناته خلال العام 2013.
عموما، سأقول بالفم الملآن: "أوووف.. أخيرا راح العام 2012"، وأدعو أن يكون العام 2013 أكثر حنيّة ورحمة. وكل عام وأنتم بألف خير.
jihad.mansi@alghad.jo