بعض النواب يريد رفع موضوع رقابة ديوان المحاسبة على اموال النقابات المهنية الى المجلس العالي لتفسير الدستور للبت في دستورية بعض بنود قانون الديوان (تعديلات العام 2002). وتخشى الحكومة ان هدف هؤلاء احراجها فقط؛ فإن كان القانون دستوريا تكون قد تنازلت من دون مبرر امام النقابات، وان لم يكن تكون قد تورطت على غير وجه حق مع النقابات.هنالك شيء من الروح النقابية في المناورات النيابية، وموضوع رقابة ديوان المحاسبة على مالية النقابات سيخضع لمناورات من العيار الثقيل. ولم يعد واضحا من هو المتحمس عن جدّ لرقابة ديوان المحاسبة، ومن هو المتحمس للإيقاع بالحكومة واحراجها فقط.
الحكومة التي ورثت هذه القضيّة، اصلا، عن حكومات سابقة فضّلت الحلّ الوسط مع النقابات، من دون حاجة إلى إثارة زوابع اضافية. لكن تحت ضغط عدد من النواب، قررت رئاسة المجلس تحديد جلسة خاصّة لنقاش الموضوع، وتم افشال نصاب الجلسة المذكورة وسط سجال حول شرعية المسار الإجرائي لعقدها. وفي جلسة لاحقة انسحب 4 نواب احتجاجا، واليوم يفترض ان يحسم الموضوع ويتم تحديد الجلسة جديدة.
سنقول كلمة للنواب من وجهة نظر المهنيين الذين لا شأن لهم بالمناورات النيابية الحكومية. الكثير من المهنيين يهمهم وجود رقابة عامّة من اي نوع (بديوان المحاسبة أو بغيره) للاطمئنان على الأموال الضخمة التي تديرها صناديق النقابات. وثمة زملاء في نقابة المهندسين يزعمون أن هنالك صناديق غير المنصوص عليها في قانون النقابة تم انشاؤها، وتدير اموالا بالملايين وليس لها نظام للعمل ولا للرقابة، مع ان أي صندوق يجب ان ينشأ بموجب القانون وبموافقة مجلس الوزراء.
بدل الانشغال بمناورات لصالح الحكومة أو ضدّها في موضوع الاتفاق الأخير، وهو اتفاق هشّ لا يقدم حلا جذريا للمشكلة، يوجد لدى النواب مهمّة أكبر، هي البحث في حلّ تشريعي جذري لقضية الرقابة العامّة على اموال النقابات ومؤسسات اخرى كثيرة، منها النقابات العمّالية، وكذلك مشروع نظام او قانون لإدارة وضمان صناديقها، وقد اصبحت بمئات الملايين.
أكثر من ذلك، لدى النواب مشروع قانون النقابات المهنية الذي ينام في الادراج بينما نحن في أمسّ الحاجة إلى إصلاح نقابي. وكان التيار النقابي المسيطر قد قبل بأفكار للإصلاح النقابي عندما شهر النواب سيف المشروع الجديد، ثم نسوا الاصلاح عندما زال التهديد. ونحن لسنا مع مشروع القانون في بعض بنوده الحالية، لكنها بنود يمكن تعديلها ليصبح المشروع إصلاحيا تحديثيا مثاليا. ونتمنى لو يوجه النواب اهتمامهم للبحث مع الحكومة في هذا بكل جدّ، وليس صرف الوقت على مناورات عابرة.
jamil.nimri@alghad.jo