عين جديدة على التمويل الأجنبي
ايمن الصفدي
18-02-2007 02:00 AM
في العالم العربي غياب للديمقراطية. وفي العالم الغربي حكومات ومؤسسات تخصص مئات الملايين لدعم التحول نحو الديمقراطية في الشرق الأوسط. وفي العالمين العربي والغربي أشخاص امتهنوا تصيّد التمويل الأجنبي، متقنّعين كل أشكال الإيمان بالديمقراطية ومطلقين عديد "دكاكين" لاستقطاب عشرات الملايين التي تتدفق إلى المنطقة. ثمة تشكيك لا ينضب بأهداف التمويل الأجنبي. وهنالك آراء وازنة تقول بمشروعية الحصول على دعم مشروع الدمقرطة من مبالغ تخصصها دول غربية للمساعدات الخارجية. ولكل من الجانبين محاججاته المقنعة. بيد أن هنالك منطقة رمادية لا تسمح بقبول مطلق أو رفض مطلق لأي من الموقفين. هنالك تمويل أجنبي دوافعه مرفوضة. وثمة دعم مالي مؤطر في قوانين ويسهم في العملية التنموية.
لكن ما لا خلاف حوله هو أنه لا يجوز أن يتحول التمويل الأجنبي وسيلة لإغناء أشخاص لا يقفون عند حد للحصول على حفنة من الدولارات. وعلى الحكومة مسؤولية حماية البلد من أشخاص جعلوا من دفع التمويل الأجنبي نحو حساباتهم البنكية الخاصة صناعة لا ينظمها قانون ولا يحصن البلد وسمعته من جوع بعض أصحابها لدولارات الغرب نظام.
اللامبالاة الحكومية نحو ضرورة تنظيم تدفق التمويل الأجنبي إلى أفراد في البلد خطيئة. الصورة الآن مشوّهة. والمعايير المزدوجة في التعامل مع اعتماد مؤسسات على أموال خارجية منطق سياسي وقانوني أعوج. فلماذا تُنتقد وسائل إعلام لوجود شكوك باعتمادها على دعم مادي من دولة إقليمية أو تيار سياسي معين، ويغضّ الطرف عن مؤسسات أخرى، إعلامية وبحثية وحقوقية، يثري أصحابها من أموال خارجية؟ الحالتان غير أخلاقيتين. وإزالتهما تشريعاً ضرورة. فتلقّي مؤسسات بحثية تمويلاً من الحكومة يوفر سبباً للتشكيك بصدقيتها. فكيف تكون الحال والتمويل أجنبي، والمستفيد منه أفراد؟
صحيح أن بعض المؤسسات بنت تعاوناً مشروعاً وإيجابياً مع منظمات أجنبية تعتمد على التمويل الأجنبي لحفز الحراك السياسي والاجتماعي المستهدف تعزيز مسيرة الدمقرطة في البلد. لكن هنالك مؤسسات أخرى (بالأحرى أشخاص) نجحت في تسويق حضورها عند أصحاب المال من خلال تشويه الحقائق وزعم الحرص على الإصلاح في البلد في آن. تصرفات هؤلاء توحي بعدم انتماء حقيقي للبلد أو لحاجته للإصلاح والديمقراطية. فمن ينشد المال على حساب الحقيقة لا يكون منتمياً للتيار الديمقراطي أو الطرح الإصلاحي أو المكان الذي يشوّه حقيقته.
أمثال هؤلاء يرهنون كل شيء برؤية صاحب المال ويصوّرون حال البلد على الشكل الذي يريده حتى لو تناقض ذلك مع الحقيقة. الهدف هو المال. والغاية تبرر الخديعة!
طريق إزالة هذا التشوه بيّنة وتنسجم مع مقومات الإصلاح الذي تقول مصادر التمويل الأجنبي إنها تريده: حصر التعامل مع هذا التمويل في مؤسسات غير ربحية تخضع لإدارة عامة وآليات رقابة شفافة وفاعلة. وهذه خطوة ليس من الصعب على الحكومة اتخاذها إن هي قررت الالتفات إلى التشوّه اللاأخلاقي الذي كرسه بعض أصحاب دكاكين تدعي الهوية الديمقراطية وهي مشاريع كسب غير مشروع وغير أخلاقي، ليس إلا.