لماذا أصبح العرب الأكثر حديثا عن السياسة على الانترنت؟
30-12-2012 11:56 PM
عمون - تلعب مواقع التواصل الاجتماعي دورا أساسيا في المشاركة بالأحداث والاحتجاجات المتلاحقة في الدول العربية، على نحو أثار تساؤلات حول أسباب هذه الظاهرة ومستقبلها.
وزادت هذه التساؤلات إلحاحا مع النتائج التي توصلت إليها دراسة أميركية جديدة بأن دولا عربية مثل تونس ومصر والأردن ولبنان هي أكثر دول العالم استخداما لهذه الشبكات في الحديث عن السياسة و القضايا الاجتماعية.
استطلاع الاتجاهات العالمية الذي أجراه مركز بيو الأميركي للأبحاث أظهر أن أكثر من ستة من بين 10 أفراد في تونس ومصر والأردن ولبنان يستخدمون هذه المواقع لمشاركة آراء سياسية أو دينية، كما تزيد هذه النسبة لتصل إلى أكثر من 70 بالمئة في هذه الدول للحديث عن القضايا الاجتماعية، في حين لا تحتل الموضوعات السياسية سوى 34 بالمئة في المتوسط لدى 21 دولة شملها الاستطلاع.
ريتشارد وايك المدير المساعد في الاستطلاع الذي أجري عن طريق المقابلات التليفونية والشخصية في 21 دولة، قال في تصريح لموقع "الحرة" إنه "رغم أن خدمة الانترنت لم تصل إلى عدد كبير من مواطني منطقة الشرق الأوسط، إلا أن من تصلهم هذه الخدمة يستخدمونها لمشاركة آراء سياسية خاصة خلال العامين الماضيين وما صحبهما من قضايا اجتماعية وسياسية".
من ناحيته يحاول أستاذ علم الاجتماع السياسي عمار علي حسن تفسير هذه الظاهرة قائلا إن الشاب العربي قبل الثورات كان مشغولا بالمسائل الشخصية والعاطفية والاجتماعية وتبادل النكات وبعض الخدمات الاجتماعية والصحية، لكن مع انطلاق الثورات انغمست الصفحات الاجتماعية في الحديث عن الموضوعات السياسية .
وأضاف أن الدول العربية منغمسة أكثر من غيرها من الدول في السياسة والمجتمع- كما أظهر الاستطلاع- لأن الشبكات الاجتماعية الطبيعية كانت معطلة بسبب أنظمة الحكم الديكتاتورية، كما قال.
وذكر أن "نظام مبارك السابق في مصر منع بناء هذه الشبكات ومنع عقد المؤتمرات الجماهيرية التي تتحدث في السياسة، وهو ما دفع البعض إلى نقل شبكاتهم من الواقع إلى العالم الافتراضي".
وقال إن الانقسام الطائفي واغتيال (رئيس الوزراء الأسبق رفيق) الحريري في لبنان وكذلك الاحتجاجات الاجتماعية لشباب الأردن الذي شعر بولع تجاه الثورتين التونسية والمصرية دفع مواطني هاتين الدولتين للتعبير عن آرائهم من خلال موقعي فيسبوك وتويتر وغيرهما.
*شباب على الانترنت
للافت أيضا في الاستطلاع أن أكثر من 50 بالمئة من مستخدمي الشبكات الاجتماعية على الانترنت في الدول المستطلعة تقل أعمارهم عن 30 عاما وأن هذه النسبة تصل إلى 64 بالمئة في تونس.
وبحسب الاستطلاع فإن مصر هي الدولة الأولى التي تظهر فيها أهمية المستوى التعليمي إذ أن 81 بالمئة من مستخدمي شبكات التواصل فيها هم من الحاصلين على درجة علمية جامعية على الأقل فيما تصل نسبة المشاركين في هذه الشبكات ممن لا يحملون درجات جامعية إلى 18 بالمئة فقط.
وأظهر الاستطلاع أنه كلما زاد المستوى الاقتصادي للدول، قل عدد من يستخدمون الانترنت للتواصل اجتماعيا خاصة في اليابان وألمانيا، اللتين تقل المشاركة فيهما إلى أقل من النصف تقريبا مقارنة بالدول الأخرى.
*استخدامات الهواتف الذكية
الفوارق بين الدول العربية والأجنبية لم تظهر فقط في حجم المشاركة بشبكات التواصل الاجتماعي لكن كذلك في استخدامات الهواتف الذكية في هذه الدول.
فقد أظهر الاستطلاع أن 79 بالمئة من أصحاب الهواتف الذكية في مصر يستخدمونها للتواصل عبر هذه الشبكات بالمقارنة مع نسبة قدرها 60 بالمئة بين دول العالم الأخرى التي شملها الاستطلاع.
عمار علي حسن يفسر عمار علي حسن ذلك قائلا إن "الطبقات المتوسطة وفوق المتوسطة والتي لديها تعليم جيد لديها اهتمام أكبر بمشاركة همومها على عكس الأميين والطبقات الفقيرة التي لا تتحمل تكاليف خدمة الانترنت أصلا والطبقات العليا التي لا تنشغل كثيرا بالمشكلات العامة".
*طلب لا يتوقف
وتنبأ عمار علي حسن بأن تستمر المشاركة في مواقع التواصل الاجتماعي لاسيما فيسبوك وتويتر في النمو لأن الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني سوف تستمر في استقطاب قطاعات من الشباب، بعد أن أدركت أهمية حشد أنصار جدد للدفاع عن مبادئها.
وتابع أن الأحداث لا تتوقف والطلب يزداد على المشاركة من خلال الشبكات الإلكترونية والصحف والفضائيات كما أن هناك محطات سياسية كثيرة مازالت تنتظر الدول العربية في الفترة المقبلة، حسب قوله.
وتوقع حسن أن تصبح مواقع التواصل الاجتماعي أحد العناصر المهمة للدعايات السياسية للمتنافسين مستشهدا بما يحدث في مصر من "تأسيس شبكات الكترونية لجماعات تهدف إلى تشويه الخصوم والرد عليهم والترويج لأفكارها، بينما في المقابل، يرد الشباب بشكل فردي وقوي استطاع من خلاله كسب المعركة ضد هذه الجماعات"، حسب تقديره.
ورأى أن مواقع التواصل ستسهم في أن تتعلم قطاعات مختلفة المزيد من الحوار الفعال والقدرة على الاختلاف والتعددية السياسية والثقافية.
وقال إنه "رغم الاستخدام السيئ لهذه المواقع أحيانا والترويج للشائعات ونشر المعلومات المغلوطة والتعبئة والحشد الوهميين والإساءة للسمعة، إلا أن حق الرد مكفول والصحافة تدقق في ما ينشر من أخبار، كما زاد وعي المواطنين في التأكد من الأخبار التي لا ترفق بصور أو وثائق".
وتوقع أن "تستمر مواقع التواصل الاجتماعي في أن تصبح منبرا للزعماء السياسيين الذين لم يعد لديهم حاجة لإقامة مؤتمرات صحافية إذ يكفيهم نشر تغريدات أو مواقف على موقعي تويتر وفيسبوك، وهو ما تأخذه الصحافة بجدية وتنشره كما يصدر عنهم . (الحرة)