لم تنطو صفحة الــ2012 من أوراق التقويم فقط، بل أخذت من عمرنا ثلاثمائة وستة وستون يوما من العمل والعناء والحزن والفرح... أخذت من الشارع الأردني رفضا واستنكارا وشجبا وتظاهرات قدّم فيها الأردنيون عدد من الشهداء بعمر الورود من أبناء الوطن من المدنيين والعسكريين للأحداث التي جرت نتيجة رفع الأسعار التي مست بشكل كبير حياة المواطنين وقوت ابنائهم، ناهيك عن الخسائر المادية التي تسببت في حرق وتكسير وتخريب الممتلكات العامة والخاصة وقطع الطرق على المدنيين.
عام تميز بهبوب رياح الربيع العربي الى الشارع الأردني فأوجد فيه مصطلحات لم يسبق وسمعناها من قبل من ثورات وحراكات وشجب واستنكار وتظاهرات والشعب يريد...الخ!!؛ فوضعت هذه الرياح حكوماتنا الرشيدة والخبيرة دائماً أمام مأزق حقيقي يتمثل بإيجاد آلية للتعامل معها ومعالجتها بطرق افتقدت للمنطقية وهنا كان الفشل...!! ولكن مع الأسف لم تستوعب حكوماتنا خلال العام المنصرم التغيير المطلوب ولم تتمكن من إيجاد الحلول المنهجية لاستيعاب المتطلبات الجديدة بل على العكس تماما باتت تتخبط في ظلمتها مرة برفع الدعم عن المواد الاستهلاكية ومرة باللامنهجية ومرة أخرى بالتغيير غير المبرمج محاولة الخروج من البوتقة التي نصبتها بيديها وهي بالواقع كانت تجرنا نحن أبناء الوطن للدرك الأسفل من الإنهيار.
ثلاث رؤوساء حكومات ببرامج متأرجحة وخطط قصيرة المدى وطاقم غير معدود من الوزراء الذين تم استبدال حقائبهم كأحجار الشطرنج عدة مرات...!! ومجلس نواب لم يعمل ضمن برنامج عمل وطني وأجندة قضايا وهموم ومشاكل حياتية، مجلس مع الأسف كان يتزاحم أفراده على الإساءة للوطن أمام شاشات الفضائيات وقبل أن يغادر أصبح همه الأكبر في نهاية دورته الأخيرة الخروج بتقاعد لأعضائه وتحصيل ما يمكن تحصيله من المنافع الشخصية على حساب الوطن، ثم خرجت لنا لجنة متخصصة بالنزاهة وتقييم الأداء ولجنة أخرى للانتخابات البرلمانية وجميعها تبدو من الظاهر انها ليست أكثر من إعادة للحلقات الأخيرة من حلقات مجلس النواب السادس عشر...!!
ومع أفول نجم عام 2012؛ لابد لنا وأن نقف متأملين حصاد العام ولتكن وقفتنا جادة وصادقة محاسبين أنفسنا كي لا نكرر نفس الأخطاء في العام القادم الذي لن يكون أسهل وأخف من العام الذي مضى!!! وهذه الوقفة ليست حكرا على الحكومة فحسب بل لتكن وقفة وطنية شاملة للمواطن قبل المسؤول وذلك حرصا على أغلى ما نملك وهو الوطن الذي لا يباع ولا يشتر ، وجب على حكومتنا محاربة الفساد والمفسدين والعابثين بأموال هذا البلد العظيم وتوجب علينا كمواطنين محاربة الفساد المجتمعي الذي تمادى في غرز مخالبه داخل نسيج مجتمعنا المتماسك منذ عقود. نقف اليوم على عتبات عام 2012 ونحن نسدل الستارة على آخر مشاهده الهزلية واجمين حزينين على ما قدمنا من تضحيات وخسائر ودماء بريئة وبالوقت ذاته متأملين بالعام الجديد ومتضرعين لله عز وجل ونحن نشعل شموع الأمل والرجاء أن يعم علينا هذا العام بالأمن والأمان والخير وبالبركة وكل عام وانتم بخير...
rulanassraween@hotmail.com