زيارة الرئيس نوري المالكي .. محاولة للفهم
د. سحر المجالي
29-12-2012 04:43 AM
أعتقد بان زيارة رئيس الوزراء العراقي دولة نوري المالكي ولقائه جلالة الملك عبدالله الثاني و دولة رئيس الوزراء عبدالله النسور، تعتبر، وبكل المقاييس، زيارة ناجحة، وتمثل خطوة مفصلية في الإتجاه الصحيح، من أجل إعادة الود والدفئ لعلاقات تأريخية بين الشعبين العربيين، الأردني والعراقي. فالأردن والعراق يرتبطان بعلاقات متجذرة بدأت مع تأسيس كل من العراق والأردن كمشروعين لدولتين مستقلتين، وإستمرت هذه العلاقات في أبهى صورها، بغض النظر عن الإلتقاء او الإختلاف في وجهات النظر السياسية او الإقتصاديه او حتى « المصلحية».
فقد جاء كلا القطرين، بناءً على إفرازات الحرب العالمية الأولى ونتائجها الكارثية على الواقع العربي آنذاك، كما أن الذين أسسوا هاتين الدولتين هم الهاشميون، بالتعاون مع الشعبين العربين ، العراقي والأردني، وبقيادة كل من: المرحوم فيصل الأول في العراق و المرحوم عبدالله الأول في الأردن. و كانت العلاقات بين القطرين في العهد الملكي» 1921-1958» تتسم بالودية والنجاح. حيث توجت هذه العلاقة الأخوية بمشروع وحدوي أطلق عليه «ألإتحاد العربي 1958»، إلا أن الأجندات الإستعمارية وعملائها في المنطقة كانوا بالمرصاد لهذه الوحدة، فأفشلوها ووأدوا بارقة أمل وحدوية بين شعبين عربيين هما الأقرب لبعضهما البعض.
وفي العهد العراقي التالي، وبالرغم من دماء الهاشميين التي سالت دون سبب او وجه حق ، إلا أن الأردن وضع الإصبع على الجرح، ورأى بأن مصلحة الأمة والقطرين، العراق والأردن، أهم من ثقافة «داحس والغبراء « الثأرية وحربها الباردة. فتعاون بشفافية وأخوية مع حكومتي الزعيم عبد الكريم قاسم والأخوين : عبدالسلام وعبدالرحمن عارف، بالرغم مما أصاب الأسرة الهاشمية في العراق على أيديهم.
وفي هذا المقام أريد أن اذكر «الدستوريين وأقلامهم» ولو على المستوى النظري، بأن الوحدة الأردنية – العراقية» الإتحاد العربي»، مازالت قائمة دستورياً، لأنه لم يصدر من مؤسسات كلا الدولتين الدستورية و المخولة بالحكم على وحدة القطرين وشرعنتها، أي توصية اوقرار بفك الإتحاد وإعتباره منتهياً. وبالتالي، ومن وجهة النظر القانونية و الدستورية، فإن الوحدة الأردنية- العراقية ما زالت قائمة. وهنا فإنني أعتقد، بأن المطلوب منا اليوم، كأردنيين وعراقيين، حكاماً وجماهير، أن نعيد قراءة هذه العلاقات لما فيه خير الشعبين الشقيقين، الاردني والعراقي. فالأردن يمثل الإمتداد الغربي للعراق، والعراق يمثل الإمتداد الشرقي للأردن.
وإذا كان هناك نوع من التجاذب في السياسات الداخلية والخارجية او في الإجتهاد تجاه السياسة العربية والإقليمية، فإن من مصلحة القطرين والشعبين، التأسيس لعلاقات اخوية متجذرة، يحكمها العقل لا العاطفة. فليس من مصلحة الاردن أن تكون علاقاته مع العراق يشوبها نوع من الحذر او الشك، كما أنه ليس من مصلحة العراق، الارض والشعب ونظام الحكم، أن يشوب علاقته مع الاردن حالة من الريبة وإنعدام الثقة، بل إن من مصلحة الشعبين الشقيقين بناء علاقات أخوية متجذرة وواعدة. ومن هنا جاءت زيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لعمان، من أجل طي صفحة الريبة والشك وإعادة آفاق التعاون الإقتصادي والسياسي، خاصة ما يتعلق بتفعيل الإتفاقيات لإفتصادية السابقة والمتفق عليها، وعلى رأسها إستكمال مشروع تصدير النفط العراقي عبر ميناء العقبة، وإعادة فتح أسواق القطرين من أجل إنسياب البضائع ورأس المال والعمالة. وبالتالي فإن المطلوب من المؤثرين في سياسة القطرين أن يدفعوا بإتجاه تفعيل هذه الإتفاقيات، و تطوير العلاقات العراقية- الأردنية وتجذريها والرقي بها، لا سيما وأن العراق كان على الدوام المعين للأردن بغض النظر عمن يحكمه، والاردن كان وما زال يمثل بوابة العراق الإستراتيجية للعالم.
وبحكم الاخوة والعقيدة والتاريخ المشترك والقيم والعادات والتقاليد والإمتداد العشائري، فإننا في الاردن نأمل من الاشقاء في العراق أن « يرحموا عزيز قوم ذل»، خاصة فيما يتعلق في المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها الأردن، و على رأسها مشكلة الطاقة. والاردن بطبيعته لا ينسى المعروف» ووفي لمواقف الشهامة والمروءة من أي شقيق عربي . كما أن علاقات متطورة بين الأردن والعراق ستكون عامل بناء في علاقات عربية-عربية واعدة ومتطورة.
Almajali74@yahoo.com
الرأي