بعد استقصاء أسباب اعتصام طلبة قسم الصحافة في جامعة اليرموك، احتجاجا على عدم تطوير المناهج الدراسية لتتواكب مع المتغيرات السريعة في قطاع الصحافة والإعلام، تبين أن إدارة الجامعة تشتكي أيضا من نقص حاد في الهيئة التدريسية العاملة في القسم منذ سنوات.وفي حقيقة الأمر،لا يمكن إخفاء الحيرة والحرج اللتان وقعت فيها جامعة اليرموك، بعد ان أعلنت أكثر من مرة عبر الصحف عن رغبتها في التعاقد مع أساتذة جامعيين في تخصص الصحافة الإعلام،وكانت المفاجأة ان لا احد تقدم لتعبئة هذه الشواغر.
اعتقد ان الرفض لا يتعلق بندرة الأساتذة المتخصصين في مجال الصحافة، لكن قد تكون "الحوافز" المقدمة من قبل الجامعة لا تلبي طموح "الدكاترة" المتقدمين، وهذه مشكلة واجهت المعنيين بالعمل الأكاديمي في السنوات الأخيرة،خاصة بعد ان فتح الباب للاستثمار في التعليم الجامعي الخاص، كما ازداد الطلب على أساتذتنا الجامعيين في دول الخليج، وقدمت لهم إغراءات وحوافز كثيرة،او استقطبت هذه الكفاءات للعمل في مجالات ذات صلة في مجال الإعلام بعد توفر عروض جيدة من قبلها.
الجامعات الأردنية،لا تلام على أنظمتها المالية التي تحد من قدرتها على مرونة الحركة في استقطاب الكفاءات،وقضية التسريع في تمرير الأنظمة والقوانين ستكون أساسية على جدول أعمال الحكومة الجديدة،التي رفعت إلى الحكومات السابقة، من قبل مجلس التعليم العالي منذ فترة ليست بقصيرة، وتتضمن هذه الأنظمة أسس مالية وإدارية جديدة وحديثة ومرنة، ويؤمل منها ان تعوض النقص والهجرة الحاصلة في الجامعات.
قد يضطر رئيس جامعة اليرموك أو غيرها من الجامعات إلى استقطاب كفاءات عربية من مصر أو لبنان أو العراق،لتغطية النقص الحاصل في قسم الصحافة او في أقسام أخرى،وإذا لم يتمكن من ذلك بسبب انخفاض قيمة الرواتب المدفوعة،سيكون مضطرا إما إلى استمرار العمل في القسم رغم النقص في الهيئة التدريسية،وسيكون لذلك تأثيرات سلبية على مستوى الطلبة الخريجين،او أن يضطر إلى "تجميد" القبول في قسم الصحافة في السنوات القادمة -لا قدر الله-،والى حين تغيير الوضع الراهن.
ومن الأجدى في مثل هذه الحالات ان تعمل الجامعة على ابتعاث كفاءات ومتميزين علميا وأكاديميا من التخصصات التي تواجه نقص /كما حصل في الجامعة الأردنية هذا العام/،او ان يتم التنسيق الفعلي مع المجلس الأعلى للإعلام لتأهيل الكفاءات المطلوبة،خاصة وأن المجلس يمتلك المرونة والقدرة المالية على اختيار صحفيين من حملة الماجستير لإكمال دراستهم العليا،لتغطية النقص الحاصل.
لقد ساهم قسم الصحافة والإعلام في "اليرموك"في تخريج مئات إن لم يكن آلاف الصحفيين والإعلاميين الأردنيين والعرب،الذين نراهم على شاشتنا "الأردنية" والفضائيات العربية، هذا القسم يواجه حاليا أزمة حقيقية، تحتاج إلى تضافر جهود الجميع /الخريجين قبل الطلبة/ من اجل إنقاذه وإيصاله الى بر الأمان، فما المانع من ان تساهم المؤسسات الإعلامية الأردنية /وهي كثيرة/ في تحمل جزء من نفقات التطوير والتحديث المطلوبة طالما ان الأمر يدخل في باب الاستثمار في المستقبل،وتأهيل الكوادر والإعلاميين الذين ستحتاجهم هذه المؤسسات في وقت قريب.