الاقتصاد يتجاوز مرحلة الخطر
جمانة غنيمات
27-12-2012 05:25 AM
تشير الأرقام المبدئية بأن عجز الموازنة العامة خلال العام الحالي لن يتجاوز 1.7 مليار دينار. وهذه القيمة أقل بكثير من الأرقام التي أمطرتنا بها الحكومات التي جاءت ورحلت خلال العام 2012، ورجحت أن يتجاوز العجز قيمة 2.5 مليار دينار.
أما عجز موازنة المؤسسات المستقلة، فيقدر أن يبلغ 1.1 مليار دينار للسنة المالية الحالية. وهذه القيمة أيضا أقل من التوقعات الرسمية خلال الفترة الماضية؛ إذ قدرها بعض الحكومات بحوالي ملياري دينار.
ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، التي نشهد فيها أخطاء في تقدير الأرقام والمؤشرات. والسبب في ذلك هو الضعف في تقدير تأثير المعطيات السياسية الإقليمية والاقتصادية المحلية.
وتراجع قيمة عجز الإنفاق العام للموازنتين، إنما يؤشر إلى أن الوضع الاقتصادي أفضل بكثير مما توقع المسؤولون والخبراء، ويفسح المجال للقول إن البلد تجاوز مراحل الخطر الاقتصادي الذي كان يطل برأسه مهددا الاستقرار النقدي والمالي.
لن أفرط في التفاؤل، لكن التقييم المبدئي للمعطيات الجديدة يقدّم استنتاجات مريحة حيال النتائج المالية للعام الحالي، خصوصا ما يتعلق بتراجع استنزاف احتياطي المملكة من العملات الصعبة، وتراجع الضغوطات على الموازنة العامة.
وثمة أسباب موضوعية تسمح بالتوصل إلى الاستنتاج السابق، ترتبط بتدفق المنح الخليجية خلال الشهر الماضي، من الكويت والسعودية، والإمارات قريبا، ما يساهم في زيادة الاحتياطي الأجنبي ليكسر صعودا حاجز الـ8 مليارات دولار.
ومن ذلك نقرأ أن دول الخليج لن تسمح بهزة اقتصادية كبيرة تؤثر على الاستقرار المجتمعي للأردن، وأن التزام هذه الدول حيال أمن المملكة من الثوابت، حتى لو جاء متأخرا. وهذا ما برهنه تسارع وتيرة تقديم منح الصندوق الخليجي في الآونة الأخيرة.
أما عامل الطمأنينة الثاني فيتعلق باتفاق الغاز المصري، بعد التزام مصر بتوفير كميات الغاز المتفق عليها، والمقدرة بحوالي 250 مليون قدم مكعب يوميا، تغطي إنتاج 85 % من احتياجات المملكة من الكهرباء.
العاملان السابقان سيقودان إلى خلق أجواء طيبة ومريحة ستحفز المؤشرات الأخرى، ولاسيما تلك المتعلقة بحوالات العاملين في الخارج، والتي يُتوقع أن ترتفع خلال الفترة المقبلة، بعد تراجع تأثير العوامل التي تهدد الاقتصاد.
الحديث عن إمكانية جذب استثمارات أجنبية جديدة بات أمرا واردا؛ إذ تساهم النتائج المالية الإيجابية، والتقييم الإيجابي لصندوق النقد الدولي للأداء الاقتصادي خلال الفترة الماضية، في تحفيز حركة الاستثمار في المرحلة المقبلة.
يمكن القول إن الاقتصاد تجاوز الحالة الضبابية والسيناريوهات الصعبة. وثمة معطيات تدعو إلى التفاؤل في إطار العمل العربي الثنائي، بعد أن نشطت السياسة الخارجية ونجحت في "حلحلة" بعض الملفات الاقتصادية، خصوصا وأن التوقعات تشير إلى منحى جديد في العلاقات الاقتصادية مع العراق في قطاعات مختلفة، مثل التجارة البينية، والنقل، والتأشيرات من الجانبين، إضافة إلى تسهيلات العبور، وتعزيز الواردات العراقية عبر العقبة.
وتنمو آفاق جديدة في التعامل مع الجارة الشرقية على صعيد النفط، من خلال المضي في بناء خط نقل الغاز والنفط بين البلدين، وزيادة كميات الزيت الثقيل المورد من بغداد إلى عمان، عدا عن مساعي حل مشكلة ديون المصدرين الأردنيين العالقة.
البعد العربي الذي بدأ يتجلى في الفترة الماضية، ومن خلال التنسيق مع دول الجوار؛ سواء مصر أم العراق إضافة إلى بعض دول الخليج، يولد أجواء إيجابية تساعد في إخراج البلد من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي مر بها خلال الحقبة الماضية.
تدفق المنح الخليجية، وعودة الغاز المصري، والآفاق الجديدة للعلاقة مع بغداد، كلها تؤكد أن الاقتصاد تجاوز مرحلة الخطر.
(الغد)