المبادرة الأردنية للبناء باقية ومستمرة ومزدهرة
د. رحيّل غرايبة
27-12-2012 05:14 AM
تعرضت المبادرة الأردنية للبناء، التي تمّ إطلاقها في العاشر من محرّم الماضي في فندق "زمزم" في إحدى ضواحي العاصمة عمّان، لحملة تشويه ظالمة وغير مبررة، وتمّ إطلاق الإشاعات والأخبار الكاذبة بحقها وحق من أطلقها، وشرع بعض المرجفين بنسج الروايات المختلقة والأحداث الموهومة حول شخوصها وأهدافها وغاياتها ومآلاتها، والعمل على خلق انطباعات مغلوطة لدى الجمهور والعامّة في محاولة يائسة لمحاربة الفكرة ومنع انتشارها.
في مقابل هذه الحملة الظالمة، كان هناك تقبل واسع للمبادرة من أطياف كثيرة ومتعددة ومختلفة من المواطنين الأصفياء، الذين عبّروا عن سعادتهم الغامرة بولادة هذه المبادرة الوطنية الجديدة، وأبدوا استعداداً قوياً لدعمها ومؤازرتها والانضمام إليها، من أجل نصرة مبادئها وغاياتها، والتعاون مع القائمين عليها للإسهام في تعظيم مساحات التوافق بين مكونات المجتمع وفئاته، والإسهام في بناء الجسور وخطوط التواصل بين العاملين في مجال الإصلاح، والمنخرطين في الهمّ الوطني، والذين تؤرقهم حماية مقدرات الأمّة، وصيانة مستقبل الأجيال وحقهم في العيش ضمن دولة آمنة وقوية ومستقرة، وديمقراطية حديثة، عبر آليات سلمية وطرق حضارية، بعيداً عن العنف والتخريب والدماء والانزلاق نحو الفوضى والإضطراب.
أغلب الذين هاجموا المبادرة، انطلقوا من منطلقات خطأ، ولم يناقشوا المضامين والمحتويات والأفكار، ولم يتمّ العثور في حملتهم الظالمة على نقدٍ واحد تمّ توجيهه لفكرة من أفكارها ولا رؤيتها ولا رسالتها، وتمّ الاكتفاء بإثارة الغبار من حولها، وإطلاق سحب من الضباب والدّخان المصطنع حول القائمين عليها بطريقة انفعالية متوترة بعيدة عن أدب الحوار وبعيدة عن أدب الاختلاف.
بعض المتسائلين بطيب نية عن توقيت إطلاق المبادرة، ينبغي أن يعلموا أنّ سؤال التوقيت إذا كان مرتبطاً في موسم الانتخابات البرلمانية التي يُجري الاستعداد لها، فالإجابة واضحة تماماً مثل فلق الصبح؛ إذ أنّ المبادرة ليست مرتبطة بهذا الموضوع، لا من قريب ولا من بعيد، ويمكنهم التأكد من هذه الحقيقة بشكلٍ واقعيّ يثبت لهم النقيض بطريقة لا تحتمل اللبس، وعند ذلك يبطل السحر المتعلق بهذا السؤال المتكرر لماذا في هذا الوقت؟!.
أمّا السؤال الآخر المتعلق بالوهم والشكوك حول إضعافه موقف الحركة الإسلامية السياسي من خلال شق صف الحركة الإسلامية؛ فالمبادرة طرحت بوضوح عدم الانشقاق وطرحت منهجية البحث عن مساحات التوافق مع الآخرين، وتجسير الفجوة بين القوى الوطنية الفاعلة، وايجاد أطر استيعابية وطنية واسعة وجامعة للطاقات والكفاءات من خارج صف الحركة الإسلامية، ومن تلك الشرائح التي لا ترغب بالانخراط في الأحزاب السياسية القائمة ولا تجد ضالّتها في الأطر التقليدية، ولم تطرح المبادرة لغة الانشقاق ولا المناكفة ولا الاستغراق في لجّة الاختلاف، ولا البقاء في مربع المناكفة الذي يبدّد الطاقات ويقسّي القلوب ويعيق تقدّم مشروع الإصلاح الوطني.
فالمبادرة تفتح ذراعيها لكل من يريد الانخراط في مشروع الإصلاح الوطني وتشكيل قوة اجتماعية كبيرة قادرة على حمل الأمل الأردني الفسيح، والطموح الوطني الكبير،من دون نظر إلى خلفية فكرية ومن دون اشتراط للتخلّي عن موقعه في أيّ حزب سياسي أو تنظيم اجتماعي، ولا يشترط سوى نظافة اليد وحب الوطن والانتماء لهذه الأمّة.
فمبادرة البناء الوطني عبارة عن كلمة طيبة خيّرة تمّت زراعتها في بيئة العمل الوطني الأردني، وسوف تنبت بإذن الله، وتنمو وتكبر وتصبح شجرة طيبة وارفة الظلال، أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كلّ حين بإذن ربها، هذه المبادرة لا تتوجه بالعداء لأحد ولا مناكفة أيّة جهة أو فئة، سوى الفئة الفاسدة، التي تنخر في هذا الوطن، ولا تملك الانتماء الحقيقي لترابه وليست حريصة على بقائه واستمراره ومستقبله.
بقي القول أنّ المبادرة لا تنطلق من منطلق إقليمي ضيّق، بل هي تطرح المشروع الإصلاحي الوطني الواسع الرّحب الذي يمثل مصلحة لكلّ أردني مقيم على هذا التراب، ولكلّ عربي ولكلّ مسلم من دون تعصب أو انغلاق، ومضامين المبادرة معلنةً وواضحة، وينبغي لكلّ متسائل أن يقرأها مرة ويتبعها بأخرى للتدقيق والتمحيص؛ لأنّها محل مزيد من التطوير والإنضاج، وهي باقية ومستمرة وفي تقدّم كبير، رغم أنف الذين لم يظهروا إلاّ وقت الخلاف، ولا يجدون أنفسهم إلاّ مع استمرار الخلاف وبقائه.
a.gharaybeh@alarabalyawm.net
العرب اليوم