في ظل الحراك تتردد مقولة فشل برامج التنمية في المحافظات , لإفتقارها أهم عناصر النجاح وهو إشراك أبناء المناطق في وضع الخطط بحسب إحتياجاتهم , فالإنفاق الكبير لم يكن يذهب الى مشاريع إنتاجية توفر فرص عمل.
من الناحية النظرية , تبدو هذه الملاحظات صحيحة , لكنها واقعيا ليست كذلك إذ يفقدها سؤال وحيد مضامينها وهو .. أين ممثلو المحافظات والمدن والقرى من هذه الخطط وهم كثر إن كان في مجلس الأمة – نواب وأعيان – أو من كبار الموظفين في الحكومة – وزراء وأمناء عامين ومدراء , وهم من يفترض أنهم الشركاء التنفيذيين والمخططين والمشرعين في صنع القرار .
قوانين الإنتخاب أتاحت للمحافظات والمدن وللمناطق البعيدة عن المركز أو تلك الأقل حظا تمثيلا مناسبا إن لم يكن واسعا , فإن لم يتمكن هؤلاء الممثلون نقل الصورة وإحداث التغيير المطلوب في برامج التنمية , فالمشكلة ستكون في التمثيل .
البرلمان المقبل فرصة , ليس لأنه سيدفع بممثلين جدد للبرلمان , بل لأنه سيسهم في تحديد شكل الحكومة , فإن لم يحسن الناخب الإختيار فإن ذات الإشكالية ستتكرر , وستبقى الفجوة بين المدن وعمان في المقدمة وبين الأطراف وخصوصا محافظات الجنوب قائمة .
لا تزال الأحكام العامة صفة لتحديد إشكالية فشل التنمية , فيما تخفق الخطط مجددا في ربط الأرقام بمستوى حياة المواطن لكن مثل هذا الطرح سيبقى بلا مضمون إن لم يستند الى الإحصاءات الدقيقة , وفي ظل عدم توفر إحصاءات علمية بديلة لتلك التي تصدر عن دائرة الإحصاءات العامة , سيبقى ما سواها مجرد كلام عام غير مدعم علميا , على أننا نكاد نتفق مع المشككين في مسار وحيد وهو أن قراءة النسب المئوية بمعزل عن وقائع الديمغرافيا والبيئات الإقتصادية يعطي نتائج مخادعة .
مثال ذلك المقارنة بين نسب البطالة في الريف والحضر , عندما تقول الإحصاءات أنها تبلغ في الريف 11% بين الذكور مقابل 10% في الحضر , ويمكن ببساطة إكتشاف ترجيح كفة الوزن الكمي للبطالة في الحضر مقارنة مع الريف , بإضافة معيار الكثافة السكانية , وبنطبق ذلك تماما على توزيع النفقات الرأسمالية على مدى السنوات الماضية , لنجد أن الأطراف حصلت بالمعدل على مخصصات مالية لمشاريع بنية تحتية وخدمات هي ظاهرة للعيان , أضعاف ما حصلت عليه المدن الكبرى , على قاعدة الكثافة السكانية ومساحات المناطق المشغولة من المحافظات والمدن .
بانتظار دراسة علمية مقارنة ترصد حجم وشكل الإنفاق - رأسمالي وجاري - في المحافظات والمدن والقرى , مع ما تحقق على الأرض , لتحديد الخلل قبل بناء خطط جديدة .
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي