التنمية السياسية ووثيقة الوزير
عمر كلاب
24-12-2012 05:17 AM
اثبتت وزارة التنمية السياسية انها وزارة مقرونة بشخص وزيرها وليس بفلسفة سياسية , فتشهد الوزارة حراكا ونشاطا وتشهد بالمقابل بياتا شتويا قاتلا , تبعا لنوعية الوزير وجهده الشخصي , فقد شهدت الوزارة حراكا حيويا في مقتبل عمرها مع الوزير محمد داودية ثم نامت طويلا قبل ان يوقظها الدكتور صبري ربيحات لتدخل في غيبوبة حتى وخزها اليساري بسام حدادين بنشاطه وحراكه .
الوزارة شهدت قصفين الاسبوع الماضي حين اتهمها حزب الوسط الاسلامي بالتدخل في الانتخابات والانحياز للاحزاب اليسارية , والاتهام الثاني من قوى سياسية بأنها تسير نحو التعامل الخشن مع الاحزاب المقاطعة للانتخابات وخاصة جبهة العمل الاسلامي , بعد تسريب الرؤية السياسية للوزارة لمرحلة الانتخابات , وهي وثيقة سياسية رفعها الوزير الى مجلس الوزراء .
نختلف او نتفق على الوزارة والوزير الا انه ناشط برلماني وسياسي عتيق , يحمل وجهة نظر سياسية يعكسها بالضرورة على نشاط الوزارة وهو نشاط في المجمل ايجابي الدلالة والدور , فخلوة البحر الميت كانت سابقة نوعية في السقوف والطروحات السياسية رغم اختلافي مع عنوان الخلوة , ولكنها محاولة جريئة لتشبيك المفاهيم والرؤى بين التيارات السياسية التي لا تجالس بعضها البعض ولا تلتقي الا في الندوات والمؤتمرات .
اما التدخل في الانتخابات فأظنها تهمة عجولة , فالظرف السياسي كان يتطلب من الوزارة محاورة كل الاحزاب كي تشارك في العملية الانتخابية وهذا اصل فلسفة وجودها ولو تقاعست عن هذا الدور فيجب اغلاق ابوابها دون اسف , والحوار لم يكن مقتصرا على اليسار السياسي بل تعداه الى معظم التلاوين السياسية والشبابية والمناطقية , لكن الافق كان مفتوحا لتغيير موافق الاحزاب اليسارية ولذا جرى تكثيف الحوار ونجحت المهمة في النهاية وهذا يسجل للوزير .
وليس سرا ان الوثيقة التي جرى توجيه الاتهام لها بأنها تدفع الحكومة للسلوك الخشن مع المقاطعة جرى التعامل معها بطريقة مبتسرة وسريعة ودون قراءة لكامل الوثيقة.
الوثيقة تطالب الحكومة بوقف التعامل الخشن وعدم اللجوء له على عكس ما جرى من تسريبات , وتطالب الحكومة بنزع فتيل الاعتقالات قبل الانتخابات والسير بمشروع التهدئة السياسية مع القوى المقاطعة وتحقيق توافقات معها لما سيتم طرحه تحت القبة , فالمقاطعة للانتخابات شأن والتوافق الوطني على المشاريع القادمة شأن اخر , ولا احد ينكر حضور المقاطعين في الحياة السياسية والحزبية وضرورة التوافق معهم على القوانين القادمة .
حراك وزارة التنمية السياسية ووزيرها وسط بيئة خشنة وغير متوافقة سيحظى حكما بالنقد , وقرارات الوزير كذلك , وحراكه ليس بالضرورة صحيحا ولكنه ليس منافيا للفلسفة المطلوبة الان وخاصة الانفتاح على كل المكونات السياسية والطلابية والمجتمعية من اجل الوصول الى اكبر نسبة من المشاركين في الانتخابات القادمة وخلال المسير الى هذا الهدف سيقع الوزير في الخطأ وستقع الوزارة تحت القصف وهذا مفهوم ومبرر .
المهم ان تستمر الحركة وان يتم تعميق حالة الحوار والانفتاح المجتمعي قبل وبعد الانتخابات وان تستمر الحركة النشطة داخل اركان الوزارة التي غالبا ما تقع في سبات طويل وهذا فقط المرفوض وغير المقبول وعلى الوزير ان يسعى الى تعميق العلاقة مع كل المكونات السياسية فالاحزاب المقاطعة تمارس حقها الدستوري وكذلك الاحزاب المشاركة , والتمايز بين الاحزاب مسموح فقط بحجم الدعم المقدم للاحزاب من اموال دافعي الضرائب فلا يجوز احتساب الدعم بالتساوي بين الاحزاب وإغفال مصاريف الاحزاب التي شاركت في الانتخابات ولها مقار متعددة في المحافظات ومساواتها بالاحزاب التي تحتل مكتبا في صالون الامين العام او في عمارة مهجورة .
omarkallab@yahoo.com
الدستور