الجيسي أبو فيصل .. تبكيني صباحاً
اسعد العزوني
23-12-2012 03:52 PM
الجيسي أبو فيصل، إذاعية لبنانية أكثر من متميزة، وذات حرفية ومهنية عالية، وتعمل في إذاعة صوت الغد في الأردن، والتي أراهن أن لها حصة الأسد في القدرة على تشنيف آذان المواطنين الذين يستمعون لها في برنامجها "صباح الغد" الذي أجبرني على ترك المحطات الإذاعية الأخرى، التي تتابع أحداث العالم، وهذا ما يتناسب مع رغباتي، وبت من المدمنين على صوت الجيسي الندي المبهر.
لن أخوض في طبقات صوت الجيسي، فهذه قضية أنعمها الله عليها، لكنني معني بأدائها وشفافية تقديمها للموضوع الذي تخوضه مع بعض التحفظ على موقفها من الخلافات الزوجية،فهي حادة في بعض هذه المواقف.
ما يعنيني هنا هو حضورها المتميز ولن أسهو عن زميلتها تمارا التي "تتناقر" معها بطريقة مدروسة ومقبولة لإضفاء نكهة أخرى على الأداء، ولكني أرغب بالقول إن الجيسي ومنذ أيام وهي تبكيني، وبالأمس بكيت في السيارة بصوت مسموع وكم خجلت أن يراني أحد بهذه الصورة لكنها الجيسي.
الجيسي ومنذ أيام طرقت بابا خيرا تشكر عليه، وتقدر كثيرا فوق ما لها من تقدير على حضورها ومهنيتها، وفي الوقت ذاته نكأت جرحا غائرا فينا، ومع ذلك لها منا كل الشكر والعرفان على جميلها، لأنها استطاعت إنجاز ملف إنساني يسجل لها، فهي ومن خلال طريقة عرضها للقضايا الإنسانية وتفاعلها الصادق والشفاف مع المحتاجين، ولما لها رصيد في نفوس المستمعين، بهذه الطريقة نجحت وأيما نجاح في تثبيت بصمتها الإنسانية في حياة هؤلاء المحتاجين.
عندما قلت أنها نكأت جرحا غائرا، فقد عنيت الحالة التي وصل إليها قطاع كبير من الشعب الأردني، ولن أكون مغاليا إن قلت أن الحال ينطبق على جميع أنحاء الوطن العربي، بسبب الفساد المستشري في البلدان العربية، وشطب الطبقة الوسطى، وبالتالي اتسعت مساحة الفقر وزاد الجوع، ولا أغفل أن طبقة الأغنياء اتسعت هي الأخرى على حساب الجميع، وهذه إشارة خطر بالنسبة للمجتمع الذي يشطب طبقته المتوسطة.
نحن أهل التكافل والتضامن، ولا أريد أن أتحدث عن النفط، فلدينا ما هو أغلى واكثر استدامة وهو الإيمان، فلو أن أغنياء العرب والمسلمين أدوا فرض زكاة أموالهم، واستثمروا رؤوس أموالهم في بلدانهم، لما وجدنا فقيرا عربيا او مسلما واحدا .
ولعل من المفيد أن نذكر أن خسارة العرب لوحدهم في الأزمة المالية العالمية وصلت إلى أربعة تريليونات دولار ..أليست هذه جريمة نكراء؟
ليس سهلا الظهور على الهواء وعرض الحاجة، والقسم أن الحالة وصلت إلى العدم،ولكن الجوع كافر، ومثلت المبدعة الجيسي مصدا قويا للكفر بمحاولة تسليك أمور البعض وزرع البسمة فوق شفاههم وجبر خواطرهم، ويقال في الدعاء "اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر"!
إنها الحاجة الماسة التي أجبرت البعض على البكاء على مسامع الجميع، وكلهم ثقة وأمل بأن الجيسي –وقد سمعتها أكثر من مرة في تعاملها مع بعض الحالات تطمئن ذوي الحاجة بأنها ستحل مشكلتهم وكم احسست بصدقها من نبرة صوتها عندما كانت تقول: هذا وعد.
برنامج الجيسي هو عمل إنساني بحت ورائع، وحل العديد من المشاكل، لكنه في ذات الوقت رسالة مهمة للمعنيين في البلد مسؤولين وأثرياء .. الجيسي أبو فيصل فتحت الطريق ..وأنتم عبدوه، واحفظوا كرامات الناس ليحفظ الله كرامتكم.