إلهي .. اجعل مكتوب الانتخابات غير مقروء من عنوانه
جهاد المنسي
23-12-2012 03:50 AM
أمس بدأت مرحلة الترشح لانتخابات مجلس النواب السابع عشر التي تنتهي مساء غد الاثنين، هذا يعني ان الانتخابات بدأ عدها التنازلي، وبتنا على مسافة اقل من شهر منها.
خلال الأيام الماضية ازدحم المرشحون الفرديون بمرشحي القوائم الانتخابية، وبتنا نسمع يوميا عن أشخاص راغبين بالترشح إما عبر القائمة الوطنية أو عبر المقعد الفردي، وفي هذا حراك إيجابي لا ننتقده أو نقلل منه.
ما يلفت الانتباه هم المرشحون وبرامجهم الانتخابية، وهو ما يجعلني أكثر تخوفا على المرحلة المقبلة، وعلى تجربة الإصلاح التي دخلناها ونريد لها الاستمرار والتجذر.
بصراحة استشعرت أن سواد المرشحين يخاطبوننا نحن الاردنيين بإنشائية فجة، لدرجة أن البعض استلهم سيبويه لتطريز عبارات الإنشاء والشكر والإطراء، واستلهام ووعود لا تقدم ولا تؤخر في المرحلة المقبلة.
بصراحة، أشعر أن ما يقوله المرشحون والراغبون بالترشح حتى الآن إنشاء في إنشاء، وكأننا في حصة تعبير يتسابق التلاميذ فيها للحصول على علامة كاملة في المبحث.
المرحلة ليست مرحلة شعارات، أو وعود فارغة وجوفاء، فنحن في مرحلة دقيقة أكثر مما يتوقع البعض، وهذا يتطلب ممن يريد تقديم نفسه للنيابة والتشريع والرقابة أن يكون أهلا لها، وعلى قدر من المسؤولية التي تؤهله لمقعد في المجلس النيابي.
النيابة ليست وجاهة أو جاه أو واسطة، فعندما جعلها البعض كذلك هوت صورة مؤسسة مجلس النواب، وتزحزح ركن أساس من أركان الدولة.
عندما اعتبر نواب سابقون أن المقعد النيابي يعني الوجاهة والواسطة والمحسوبية، وتحقيق امتيازات، هنا أو هناك، وابتعدوا عن التشريع والرقابة اهتزت صورة المجلس النيابي عند المواطنين، واهتزت صورة النواب أيضا، ما أثر سلبا على أداء تلك المجالس وجعلها مطواعة بيد الحكومات، وكأنها مؤسسة تابعة للسلطة التنفيذية، وليس مؤسسة تشريعية رقابية مستقلة، تعتبر الركن الأول في الحكم، ووظيفتها مراقبة أداء الحكومات.
في هذه اللحظة، يحق لنا أن نقرع للمرشحين جرس الإنذار، ونقول لهم بصوت مرتفع يصل أحيانا حد الصريخ نريد أفعالا لا أقوالا، نريد برامج حقيقية، لا وهمية، نريد كلاما يُنفذ ولا نريد كلاما لكي ندخل فيه امتحان الإنشاء في اللغة العربية.
في هذه اللحظة نريد مرشحين لا يتكلمون عن حل مشكلة البطالة دون أن يشرحوا لنا كيف سيتم ذلك، ولا نريد يافطات ضد الغلاء، دون أن يقول لنا المرشحكيف سيحقق ذلك. نريد مرشحين لهم برامج سياسية واجتماعية واقتصادية، يضعون فيها الحلول لكل المشاكل.
نريد مرشحين، يؤمنون بالديمقراطية والإصلاح والدولة المدنية والعدالة والشفافية والمساوة في الحقوق، ويرفضون الواسطة والمحسوبية، وعندما يتحدثون عن تعديل قانون الانتخاب يلحقون شعاراتهم بالفعل والقول والعمل، تحت قبة البرلمان.
المرحلة المقبلة لا ينفع فيها مرشحون ينسجون لنا أحلاما وردية، ويحدثوننا بما يرضينا، ثم يأخذون أصواتنا ويمشون، وعندما يجلسون تحت القبة يمارسون الواسطة والمحسوبية والبحث عن امتيازات. وهنا يظهر أنهم لا يعرفون من الديمقراطية والإصلاح إلا اسمها، ويقبعون في صف الرجعية والظلامية، ولا يؤمنون بحقوق المرأة والطفل والأسرة، وينضحون إقليمية وجهوية وفئوية.
أخيرا، لا أذيع سرا أنني خائف من تكرار التجربة السابقة، وخائف من أن نصل للتباكي على مجلس النواب المنحل، باعتباره كان أفضل من المقبل، وخائف أن يفعل المال الأسود فعلته في الناس، فتتوه خياراتهم، وخائف من استمرار البعض في مشاهدة المال الأسود يوزع على كل الاتجاهات دون القيام بأي فعل يذكر.
أرجو أن لا يكون مكتوب الانتخابات والمجلس المقبل مقروءا من عنوانه، وأدعو ربي أن يخيب ظني في تركيبة المجلس المقبل، لأن ذلك سيدفعنا أكثر نحو الحائط، وهو ما نريد الابتعاد عنه.
(الغد)