لنحذر الفتنة ونبني التماسك
سلطان الحطاب
21-12-2012 04:18 AM
هناك أطراف أعياها الاصطياد في المياه الأردنية، وهي تجهد لأن تصبح هذه المياه أكثر تعكيراً ليتاح لها الصيد فيها فما أن يحدث أي تطور في المنطقة حتى تسارع هذه الأطراف لتوظيفه ضد المصالح الوطنية الأردنية وتبحث عن خصوم جدد لتبرر مواقفها .
في الأيام الأخيرة جرى اسقاط مصطلح الكونفدرالية على اللغة المحلية والمتداولة في الصالونات ليضاف المصطلح ويغذي الرطانة التي يتحدث بها البعض كما لو أن الشعبين الأردني والفلسطيني لا يملكان من أمرهما شيئاً.
الأردن ومنذ عهد الراحل الحسين قال رأيه في الكونفدراليه والتي هي شكل من أشكال التعاون والوحدة بين الدول في العلوم السياسية مبيناًً أن الكونفدرالية وحتى الفيدرالية التي هي أكثر واقعية وانتشاراً في العالم لا تقوم إلا بين دولتين ناضجتين مستقلتين ونظامين سياسيين أرادا بطواعية الاقتراب وبناء قواسم مشتركة يحصرها البعض في الدفاع والخارجية.
وحتى تكون المسألة واضحة فإن التحفظ الأردني القائم حالياً على الكونفدرالية بمعناها الاصطلاحي مبرر إذ لا بد أن يتكامل بناء الدولة أولاً وتحظى بمزيد من الثبات والاستقرار ثانياً وأن تكون قادرة على الإمساك بواقعها ومصيرها ثالثاً وأن تجد أسباب الحياة في الدعم الدولي والعربي على وجه الخصوص فقد قالت اسرائيل عشية إعلان الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة والتي حصدت (138) صوتاً أن اليوم التالي لقيامها لن يكون أفضل من اليوم الذي سبق الإعلان.
وراحت اسرائيل تنفذ تهديداتها لإثبات هذه المقولة فحجزت أموال الشعب الفلسطيني المتأتية من الضرائب وزادت الحصار عليه وأعلنت إقامة مستوطنات جديدة وتعمل على اغلاق جغرافية القدس وتغلق بالاستيطان حدود الضفة الغربية مع الأردن ضاربة بعرض الحائط أية تحولات جديدة يمكن أن تحدث دحراً للاحتلال وتصفية لوجوده.
إذن اسرائيل بدأت انفاذ عقوباتها الجديدة للقيادة الفلسطينية وضد الشعب الفلسطيني لإجهاض فكرة الدولة وإجبار الفلسطينيين على التخلي عنها وسط صمت دولي وعربي مريب.
وإذا كان إعلان الدولة الفلسطينية هي الخطوة الأولى في رحلة بنائها الطويلة فلماذا لا يجري اسعافها ودعمها وتمكينها وسط العاصفة الاسرائيلية التي تستهدف اقتلاعها؟ لماذا يترك الفلسطينيون بلا مال ولا موازنات أو رواتب للموظفين أو امدادات للمستشفيات والمدارس والحياة العامة، وإذا كانت أطراف دولية تتواطأ مع اسرائيل في مخططها لإجهاض الدولة الفلسطينية وجعلها كأنها لم تكن فلماذا يقبل النظام العربي في دوله ذلك؟ وهل تدرك الأنظمة التي تصمت أو تتردد أن الربيع في شوارعها كفيل بأن تكون ردود فعله عنيفة على مواقفها وأن جلد الذات والتدمير الذاتي سيكون البديل في عواصمنا نتاج الإخفاق وعدم النهوض بواجباتنا الوطنية والقومية.
نعود لفكرة الكونفدرالية ونجد ان القيادة الفلسطينية نفسها تتحفظ عليها وتراها في هذه المرحلة نفياً لسلطتها وقفزاً عنها بل وإلحاقاً جديداً حين تدرك أن الشعب الفلسطيني لم يملك بعد دولته المستقلة القادرة على التفاوض للوحدة أو الفيدرالية ، فلماذا إذن الاختلاف ولماذا الخلاف على فرو الدب قبل صيده.
اسرائيل التي تمعن الآن في الاستيطان وتهويد القدس يجب الرد عليها في هذا البعد بقوة وسرعة وبتحريض المجتمع الدولي وفضح سياساتها وتمكين الفلسطينيين في إطار دولتهم الناشئة من الوصول إلى المحاكم والمنظمات الدولية.
وعلى الأردنيين أن ينصرفوا إلى استكمال مشروعهم في الاصلاح السياسي في أحد أبرز حلقاته وهو بناء البرلمان القادم والتوجه إلى الانتخابات ومواجهة التحديات بالإلتفاف حول رمز وحدتهم وقيادتهم وهو الملك عبد الله الثاني دون الإلتفاف للإشاعات والتحريض والدس والدموع الكاذبة.
نحن هنا وحدويون بطبعنا وشارعنا مع الشعب الفلسطيني دائماً ومصيرنا واحد مهما ابتعدنا ووحدتنا في النهاية تحصيل حاصل بعد ازالة الاحتلال وقهره ومنعه من تحقيق أهدافه.
فهلا انتبهنا، وهلا توجهنا إلى بناء مسيرتنا بشفافية ووضوح بدل الاختلاف على شعارات تحتاج إلى عمل كبير قبل أن ترفع.
alhattabsultan@gmail.com
الرأي