في كل يوم تطالعنا الصحف والمجلات المنوعه والمشكله بمقالات وتعليقات وصور ومنشيتات تشدنا للخبر هذا او ذاك شدا والذي تنام تحته اسطر تصور العالم بانه جبل بركاني ينفث بدخانه ويبعث بحممه وكل يوم يحدث فيه ثقب يتسلل من خلاله ثورة ضد الظلم او مااخترت له من تسميات ديكتاتور –ظالم – مستبد– طاغية الخ من التسميات التي اصبح لها قاموس خاص بها .
واعتقد بل اجزم ان فيها مبالغه بقدر ما فيها من التبسيط والمراوغه فلا نحن في جزيرة معزولة عن الكون ولا في العصر الحجري تنهار فيها الدول وتتركب أخرى من داخلها، من دون تأثر أو تأثير بالمحيط العام الجغرافي والسياسي. لا بل يمكن القول إن تظهير الصورة على هذا النحو يحمل، عن وعي أو عن عدم وعي، نوعاً من الخطورة التي تتجسد بحرمان هذه الثورات من رؤية واقعية لصراعها تجعلها جاهلة لطبيعة الصراع وقوانينه، كما لموازين القوى التي تتحكم به
وإذا كان من الصحيح أن الشعوب العربية لديها الكثير من الأسباب كي تثور وكي تسعى إلى تحسين شروط عيشها وأشكال دولها، فإن الصحيح أيضا أن هناك الكثير من القوى الإقليمية والدولية التي لديها أيضا من الأسباب ما يكفي لتجعلها تتدخل في هذه الثورات بهذا الشكل أم ذاك، ديبلوماسيا أو عسكريا، كي تحافظ على مصالحها في وجه كل من يهددها، سواء كان من الداخل أم الخارج.
فهي بالتالي تعطي الفرصة لهذه الشعوب ان تتدخل او تتسلل سمها ماشئت دون انتباه او حساب وإذا كان من السذاجة التصديق بأن ما يجري لا يعدو كونه معركة شعـــوب تسعى لحريتها، فإن من السذاجة أكثر الاعتقاد بأن تلك القوى السياسية، داخلية أم خارجية، التي تروج لمثل هـــذا التصور، لا تفعل ذلك عن سابق تصور كي لا تعلــــن فــــورا عن اصطــفافاتها الحقـيقية في هــذا الصراع
روايات وقصص اشبه ماتكون بالف ليله وليله تتحدث عن شعب يثور على طاغية وعن اصناف الظلم والحياه المروعه باسلوب مشوق للقارئ متعب للعقل منهك للتفكير
البعض يصدق والبعض يكذب لكن اصطفاف القوى الإقليمية والدولية مع هذا الطرف أو ذاك بيّن، ومنذ اللحظات الأولى للصراع، وحقيقة مايجري على الساحة وواقع الحقيقة يقول ان ما يجري يتعدى المسألة الداخلية ليطاول إعادة توزع موازين القوى وميادين النفوذ الإقليمية والدولية. بعد ان راينا ان المواقف المتفاوتة والمتناقضه عكست لجميع الأطراف الداخلية والخارجية من هذه الثورة أو تلك خلفيات لا علاقة لها لا بالظلم هنا ولا بالحرية هناك.
لن نكرر تناقضات وإرباكات الجميع إزاء ثورة مصر او وسوريا وليبيا , فلا الموقف الصيني أو الروسي كان ابن الصدفة أو حبا أو كرها بالديموقراطية ولا الموقف الأميركي أو الفرنسي كان وليد النكاية بالاستبداد الشرقي. ولا الموقف الإيراني كان محباً للحرية في البحرين كارهاً لها في سوريا،ولا الموقف التركي، محباً لها
ان ما يحدد مواقف هذه أو تلك من القوى ليست الحرية االحزينه البالية الثياب التي هي على الأغلب آخر همها.
والأدهى من هذه وتلك هو موقف تلك القوى السياسية التي قادت وتقود الثورات من أجل الحرية في بلادها، من انتفاضة الشعب. فلقد توقفت معركة الحرية بالنسبة لها عند نجاح حلفائها في الحصول على السلطة وكفى الله المؤمنين شر القتال. واضح هنا أيضاً أن ما يحدد التموضع في هذا الموقع أو ذاك ليست الشعارات المعلنة بل حسابات أخرى.
محسوبه على الورقة والقلم ونحن اداه التنفيذ والنتائج على رؤسنا ولاندري هل يعود الاستعمار الينا من الباب بعد ان هرب من النافذه.
pressziad@yahoo.com