مؤتمر خريجي موسكو يناقش اللغة الروسية
20-12-2012 04:31 PM
عمون - كتب د. حسام العتوم - ليست لندن فقط هي عاصمة الضباب على خارطة العالم لكن موسكو أيضاً هي كذلك، وهي عاصمة للثلج والصقيع في بلاد روسية واسعة المساحة (17مليون) كم2 وأكثر تصل فيها درجة البرودة من 20-60 مئوياً، وفي هذه المرة وهي الأولى التي أشارك فيها في مؤتمر خريجي موسكو الثالث (من الحقبتين السوفيتية والروسية الحديثة) بدعوة كريمة من السفارة الروسية بعمان وجامعة صداقة الشعوب.
استقبلنا الثلج الأبيض الجميل هناك ليرحب بقدوم نحو 900 مشارك عالمي مثلوا 170 دولة منهم 20 مشاركاً من الأردن مثلوا (السفارة الروسية) و(المركز الثقافي الروسي) و(جمعية الأطباء) و(نادي ابن سينا- الذي نتمنى أن تتوسع عضويته لكي تشمل جميع الخريجين برسوم رمزية تشجيعية) و(جمعية الصداقة الأردنية الروسية- التي ندعو لها أن تتعافى) بعمان، ومثلوا مختلف التخصصات الإعلامية والطبية والهندسية والقانون والرياضيات، وانعقد الجانب الرسمي من المؤتمر العالمي هذا في قاعة قصر الأعمدة التابع لقصر الكرملين الرئاسي (المؤسس في القرن 18 في زمن القياصرة وفيه ودع لينين وستالين وشهدت مشاركات لبوشكينوليرمانتوفودوستويفسكي وهو من تصميم المهندس المعماري كازاكوف) تحت رعاية الرئيس الروسي فلادمير بوتين مثله وزير التعليم العالي والعلوم ديميتري ليفانوف وبحضور رؤساء جامعات موسكو الحكومية (البروفيسور فيكتور سادوفنيجيف) وصداقة الشعوب( البروفيسور فلاديمير فيليبوف) واللغة الروسية (البروفيسور كستاماروف)، ورئيس مؤسسة عالم روسيا(البروفيسور فيجيسلافنيكانوف) ونائب رئيس الوزراء(اولغا غولديتس)، ويذكربأن مؤتمر الخريجين هذا انعقد أول مرة عام 2003 بمبادرة ورعاية مباشرة من الرئيس بوتين فيما انعقد المؤتمر الثاني عام 2007، وتم لاحقاً الانتباه من جانب المركز الثقافي الروسي ممثلا بمديره السيد الكسندر دارافييف لإشراك كافة الأندية والجمعيات الأردنية التي ينتسب اليها الخريجون في حضور هذا النوع من المؤتمرات الهامة والمشاركة فيها.
في كلمتي التي القيتها هناك باسم الاردن وجامعة البترا في اليوم الثاني وسط جدول أعمال المؤتمر وبحضور رئيس جامعة بوشكين للغة الروسية كاستوماروفوحشد كبير من حاضري المؤتمر تحدثت فيها عن قوة حضور اللغة الروسية على خارطة العالم حيث تحتل الرقم 6 وسط لغات الأمم المتحدة المعتمدة، وعن قوة حضورها في الاردن حيث تحتل الرقم 3 من زاوية الانتشار الجماهيري بعد اللغتين العربية والإنجليزية، وعن كونها في المقابل بحاجة لجهود سياسية ومن الاندية والجمعيات الناطقة بروسية لتقوية حضورها وسط الإعلام الاردني متعدد القنوات، وطالبت بتوجيه طلبتنا الاردنيين لدراسة الترجمة الفورية وبمساعدة أكاديمية روسية مباشرة، كما طالبت بضرورة فتح مكتب صحفي روسي اردني عربي شرق اوسطي يعمل وسط عاصمتنا الاردنية عمان، وفي كلمة اخرى القاها الدكتور أمجد زريقات من جامعة الزيتونة تحدث فيها عن القضايا العالقة بين وزراتي التعليم العالي في موسكو وعمان وهي التي تتعلق تحديداً بقضية عدم الاعتراف بدرجتي البكالوريوس والماجستير اردنيا حتى الساعة لاختلاف المعايير رغم امكانية المعالجة وفقاً لاتفاقية بولونيا الموقعة من قبل 45 دولة أوروبية وغيرها، وبقضية عدم الاعتراف اردنياً ايضاً بالاختصاص السريري الطبي، وطالب بأهمية التعاون في مجال تدريس اللغة العربية، وسبق لوزير التعليم العالي والعلوم البروفيسور ليفانوف أن أكد على وجود أكثر من مليون خريج لروسيا السوفييتية والحديثة يعملون في 170 دولة عالمية، ويدرس الآن في 750 جامعة روسية 250 الف طالب اجنبي يمثلون 150 دولة، وأكثر من 40 الف طالب يدرسون مجاناً على حساب الدولة الروسية في الوقت المعاصر، وتم منذ عام 2008 فتح الدراسة في الكليات والمعاهد الجامعية أمام أصحاب معدلات الدراسة الثانوية التي تنخفض عن المعدل المطلوب للدراسة الجامعية في الفدرالية الروسية البالغ تعدادها 56 جامعة موزعه على 13 مدينة روسية تقدم 149 تخصصاً وتحوي 199 كلية.
جاءت تشكيلة المشاركين من العالم في مؤتمر الخريجين هذا متنوعة، فمنهم من اصبح رائداً للفضاء مثل المنغولي بواردجاء، ومنهم من اصبح رئيسا لبلاده مثل رئيس غوانا بارات جاغديو، وسبق لرؤساء دول مثل محمود عباس وحسني مبارك وحافظ الأسد أن تخرجوا من موسكوا، ومنهم من هو بدرجة بروفيسور في علوم مختلفة، ومعظمهم سافر الى هناك ولبى الدعوة على حسابه الخاص واستقبلوا وودعوا بكرم وحفاوه ومرافقة أمنية وفي إطار برنامج ثقافي فني وموسيقي شبابي أممي تصدرته فرقة إيقورماسييف المشهورة عالمياً والتي سبق لرجل الاعمال الاردني الثري زياد المناصير أن استضافها هنا في عمان خدمة لنزلاء مستشفى الحسين للسرطان، وأكثر مالفت انتباهي هو بساطة الضيافة التي ذكرت كل خريج بأيام شبابه عندما قدم الى هناك صبياً باحثاً عن العلم والمعرفة في بلاد روسية واسعة المساحة والقلب، وكما كان الاتحاد السوفييتي لازالت روسيا الديمقراطية أممية الطابع تفتح أبواب جامعاتها ومعاهدها لطلبة العلم من كل العالم وتنشر اللغة والثقافة الروسية بينهم، وما هذا المؤتمر وما سبقه من مؤتمرات الا خير دليل على حرص روسيا على جمع عملهم وسط العالم فوجدوه في الخريج المحافظ على اللغة وعلى الثقافة وعلى المحبة لروسيا التي علمته يوماً جمع حروف اللغة وثقافتها عبر مفاهيم وعادات وتقاليد اجتماعية وطقوس دينية جديدة، فشكلت الأعداد الكبيرة من الخريجين شبكة اصدقاء لروسيا وحملة لعلومها ومواقفها الانسانية والديمقراطية العالمية، وقنوات تعاون في المجالات الأكاديمية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية كافة، وعززت ثقافة الحوار بين الدول والشعوب والأديان السماوية، والغت لغة التصادم والعنف، ومن مصلحة روسيا في المقابل أن تعرف العالم بأنها تقف مع تطبيق قرارات الامم المتحدة ومجلس الأمن والقانون الدولي الانساني وحقوق الانسان والحوار، وبأنها تقف بقوة ضد تطبيق شريعة الغاب على الأزمات الدولية والاقليمية التي تنشأ لأسباب داخلية وخارجية أو داخلية بتدخل خارجي أو حتى داخلية محضة، وتريد موسكوا هنا أن توصل للعالم رسالة مفادها بأنها صديقة لشعوب العالم ودولة المستقلة وتؤمن بالحوار باعتباره مخرجاً اساسياً لكل الأزمات، وبأنها غير مسؤولة في المقابل عن فشل أي حوار لا يوصل لنتيجة، وهي أي روسيا تقف مع المجتمع الدولي ضد الارهاب وتدين الاحتلالات والاستعمارات المباشرة وغير المباشرة، وترفض اشعال الحروب هنا وهناك على خارطة العالم لأسباب اقتصادية، وتفضل أن تصدر العلوم والمعارف خدمةَ لشعوب العالم كافة، والآن روسيا تنهض من جديد في عهد الرئيس بوتين، فوصل مخزونها من الذهب في بنوك العملات الأمريكية الى أكثر من 500 مليار دولار، وأصبحت على قائمة أفضل الانظمة التعليمية في العالم وفق دراسة أعدتها مجلة ذي ايكونومست البريطانية ونشرتها صحيفة( ذا تايمز)، ومع هذا لازالت روسيا بحاجة لإصلاح الداخل وسد الفجوة بين الطبقة الفقيرة والمتوسطة الواسعة وبين الطبقة العلوية المتوسطة والثرية( الاوليغارجية) عن طريق تطويق الفساد الكبير ليشعر السكان هناك البالغ عددهم حوال 150 مليون نسمة بالأمن الحياتي والاقتصادي والاجتماعي.
لقد بارك الرئيس بوتين أعمال مؤتمر الخريجين هذا ببرقية دافئة أرسلها أكد فيها أهمية تدريس الأجانب في روسيا ومواصلة محبتها، ملفتاً الانتباه لوجود أكثر من مليون أجنبي مثلوا 160 دولة سابقاً سبق لهم وأن درسوا في روسيا، وركز على أهمية اللغة الروسية في تدريسهم باعتبارها لغة تواصل عالمي، ولقد الغت اللغة الروسية وكما لاحظت الحاجة للترجمة الفورية وسط الحضور الجماهيري للمؤتمر فيما أبقت عليه محدوداً وسط الصحفيين الأجانب من غير الناطقين بالروسية، ويذكر بأن الاردن يقيم علاقات دبلوماسية وسياسية واقتصادية وثقافية مع روسيا منذ العهد السوفييتي تاريخ 21/8/1963، وبمبادرة مباشرة من عظيم الاردن الراحل الملك حسين طيب الله ثراه عندما كان نيكيتا خروتشوف رئيس للاتحاد السوفييتي، وتطورت العلاقات كافة بين بلدينا وشعبينا العظيمين حتى وصل عدد الخريجين الى مائة الف خريج، وعدد الزيجات الى نحو خمسة الاف زوجة، وانتقلت اللغة والثقافة الروسية الى الابناء، وتأثرت السيدات الروسيات بالثقافة الاردنية العربية عادات وتقاليد، وارتفعت الصادرات الاردنية الى روسيا بنسبة 330% بمعدل 22.8 مليون دولار، وارتفعت المستوردات من روسيا بنسبة 90% بمعدل 593 مليون دولار، ويذكر أن غرفتي صناعة وتجارة الاردن ترتبطان باتفاقية تعاون مشترك مع روسيا منذ عام 2005، واتفاقية مجلس اعمال اردني روسي مشترك منذ عام 2007 ، وارتفع عدد السياح القادمين من روسيا الاتحادية الفدرالية الى أكثر من 21 الف سائح استجمامي وديني وعلاجي، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد الى الضعف بعد اعتماد منطقة المغطس المحاذية للبحر الميت موطناً لتعميد السيد المسيح من قبل الفاتيكان، وبعد منح جلالة الملك عبدالله الثاني قطعة من ارض المغطس لروسيا لبناء كنائس وبيوت الحجاج المسيحين، ولقد شهدت هذه المنطقة أكثر من زيارة لرئيسين بوتين وميدفيديف وكان آخرها زيارة زعيم الكنيسة الروسية البطريريارخكيريل، وعلى مستوى العلاقات الروسية العربية فإنه تم اعتماد سفير روسيا في القاهرة سفيراً في الجامعة العربية، وظهر مجلس اعمال روسي عربي متطور برئاسة رئيس الوزراء الأسبق يفغيني بريما كوف، ومشروع مصرف عربي روسي مشترك تم طرحة في مؤتمر البحرين عام 2007، ووصل حجم التبادل التجاري مع العرب الى 12 مليار دولار وهو في تطور دائم، ولروسيا اعلام موجه للعرب باللغة العربية عبر قناة روسيا اليوم الفضائية الناجحة بسبب تغطيتها للأحداث العربية بموضوعية وحياد بعيداًّ عن أي لون دعائي سياسي، وروسيا الاتحادية حريصة اليوم على تثبيت اقدامها وسط العرب وفي الشرق الاوسط أمام هبوب عواصف رياح الحرب الباردة العاتية (الامريكية الغربية) التي تحولت من علنية الى سرية وعلى كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاعلامية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1992، وفي الوقت الذي عارضت فيه اجتياح العراق عام 2003 وراقبت هدم نظام زين العابدين في تونس واجتياح ليبيا من قبل قوات الناتو، وراقبت ولا تزال حراك (الربيع العربي) وسط العرب نجدها تثبت أرجلها في دمشق لمنع خسران أهم معاقلها الاقتصادية، ولتصدي لمشروع الغاز القطري المخطط له أن ينافسها في أوروبا عبر الاراضي السورية، وبنفي الوقت فهي أي روسيا تحسب نفسها على معسكر تفعيل قرارات مجلس الامن والامم المتحدة، وتقف بقوة مع سيادات الدول وتغلق الابواب أمام اي غزو خارجي لأي دولة على خارطة العالم لدرجة أنها تنتقد نفسها أثناء غزو افغانستان إبان الحقبة السوفييتية عام 1979 رغم قوة حجتها لمواجهة انتشار نيران الحرب الباردة العلنية وقتها مع أمريكا والغرب في وقت صنعت فيه امريكا تنظيم القاعدة لإخراجها من هناك، وهو التنظيم الارهابي الذي انقلب على امريكا نفسها وغزاها في عقر دارها وردت علية بغزوة مماثلة في عقر داره، وأخيراً وليس أخراً فإن روسيا الفدرالية اليوم لم تعد تخجل من طرح موقفها بقوة في السياسية وفي الاقتصاد، وهي تنهض وتشكل اتحاداً سوفيتياً مصغراً
بـ C.N.G وأخر شرقي صيني ايراني هندي وتتمتع بعلاقة متوازنة مع البلاد العربية واسرائيل، وبأخرى جيدة علنية مع امريكا والغرب، وحسب خبير المناخ لورنس سميت من جامعة كاليفورين فإن روسيا ستصبح دولة عالمية رئيسية بعد عام 2050 بعد زوال الجزء الأكبر من ثلوج القطب الشمالي وظهور النفط بغزارة تحته.