ربما تَمْتَمت امرأة من أهل الشتات بكلمات شاعر قضيتها الأول «درويش», وهي ترى أشلاء جثث تكوَّمت في باحة مسجد عبد القادر الحسيني وسط مخيم اليرموك بعد قصف وحشي لقوات نظام بشار الأسد..
كلمات متمتمات, مفادها: (هل يذكر المساء مهاجراً مات بلا كفن؟.. يا غابة الصفصاف! هل ستذكرين أن الذي رموه تحت ظلك الحزين - كأي شيء ميت - إنسان)..
عندما قصفت الطائرات الحربيّة السورية مخيم اليرموك الفلسطيني الأحد الماضي, وما تلا ذلك من ردود فعل على الساحة الاقليمية, تساءلتُ:
(هل نحن ندخل في حالة لبننة أخرى, يكون فيها الفلسطيني طرفاً في نزاع سوري - سوري يمتد أعواماً وأعواماً)؟..
وبسرعة قفز سؤال آخر أمامي:
(ما الذي يرتجيه نظام الأسد الابن من ادخال 750 ألف لاجئ فلسطيني - أذلتهم حياة الشتات في سوريا الأسد الاب والابن - الى معادلة الفوضى الأهلية التي تقبع سوريا بداخلها منذ قيام الثورة؟)..
هكذا هو الشان السوري عندما تتطرق له.. سؤال يلد سؤالاً آخر:
(هل حقاً يريد بشار، وكوادر حزب البعث من حوله، أن يحولوا سوريا إلى لبنان السبعينيات والثمانينيات, لاستنساخ حالة الجمود في المناصب والأماكن, مع بقاء نزيف الدم؟)..
في الشأن السوري.. لا شيء مستبعداً, لا معادلات نقيس بها الأحداث, لأن الأحداث باتت أكثر تسارعيةً, بل أنها خارج حدود النص الحياتي المعقول, وهي بلا أدنى شك, أصبحت عصيَّةً على الفهم..
ما يحدث في سوريا شيء قريب من صومال الحرب الأهلية, وليس بعيداً على لبنان التناحر الطائفي, وهو مغلف بكل تأكيد بإطار عراق ما بعد الاحتلال الانجلوسكسوني, وفي الذهن؛ ثورة أهليّة ضد حكم الاستبداد والتعفن.. ومن بعيد (بنظرة شمولية) , لا تستبعد نظرية المؤامرة على أركان الدولة وفسيفساء الشعب. وكما يقال (هوية الروح - identity of the soul)..
لكن الأمر (كل الأمر) أصبح شيئاً فشيئاً يذهب صوب: حرب الآخرين على الأرض الشامية..
مُتعِبةٌ هي سوريا اليوم.. مرهقة الى أبعد الحدود..
تبقى فكرة الحديث..
من يدَّعي بعد اليوم, أنه يفهم الأحداث المتعلقة بسوريا ويقرأها..
هو شخص بلا أدنى شك: يقبع في مستنقع الوهم الكبير..الرأي