facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




هل الثورة على حق ؟


نبيل غيشان
19-12-2012 04:28 AM

لا معنى للربيع العربي إذا لم يفتح الباب أمام عودة الدولة والناس إلى الاحتكام للقانون.

اضطر "التوانسة" بعد سنتين من الثورة على نظام زين العابدين بن علي، إلى رشق رئيس الدولة ورئيس البرلمان بالحجارة والأحذية، وفي مصر بعد خلع حكم مبارك، لم يتقاعد الثوار، فعادوا من جديد إلى ميدان التحرير للهتاف ضد الدكتاتورية والاستبداد وضد حكم "الإخوان" التي جاءت بها الثورة.

فهل كانت الثورة على حق وهل حقق الثوريون أحلامهم؟ هل يمكن للثورات أن تنجح في إزالة حكم الاستبداد وتأتي بمثله؟

في مدينة سيدي بوزيد التونسية، أعربت والدة مفجّر الثورة التونسية محمد البوعزيزي، عن خيبة أملها مما آلت اليه الأوضاع في مدينتها، واعتبرت أن ابنها والشهداء "ضحّوا بحياتهم مقابل لا شيء" وفي ميادين وشوارع "المحروسة" عادت هتافات الناس "ارحل ارحل ارحل... يسقط يسقط حكم المرشد" بسبب ظهور بوادر لعودة الاستبداد وانعدام الإصلاح والأمن والتقدم الاقتصادي الذي سعت إليه الثورة.

وقبل عقود، لم تكن التجربة أفضل، فقد عبّر الكاتب الجزائري الطاهر وطّار في عام 1974 عن خيبة أمله من مآل الثورة الجزائرية في مجموعته القصصية "الشهداء يعودون هذا الأسبوع" تناول فيها نتاج الثورة ضد الاستعمار الفرنسي وعرض أساليب المتاجرين بقضايا شهداء الثورة، وخوفهم من إشاعة عودة الثوار للحياة، فهل كانت الثورة على حق؟ وهل يمكن أن تخطئ الثورة؟ وهل يمكن للثورة أن تأكل أبناءها؟

ما دامت الثورة هي نتاج فعل شعبي وتعبير عن إرادة الناس فهي على حق، لأنها تسعى إلى خير المجتمع، فحيث تكون مصالح أغلبية الناس يكون هناك الحق، لكن الشواهد التاريخية كثيرة على انحراف الثورات وضياع منجزاتها، وعودة القديم بلباس الجديد والخاسر هم الناس، والسبب هنا قد تكون الثورة نفسها واختلاطها بالانتهازيين وعدم وضوح الرؤية والبرامج والشعارات والاساليب.

قد يكون من حسن حظ الكثيرين ومنهم نحن في الأردن أننا شاهدنا نتاج ثورات الربيع العربي في كل من تونس ومصر وليبيا وحتى سورية، لنرى ونحكم على الأشياء ليس بمقدماتها بل بخواتيمها. شاهدنا الحماس والتخاذل ورأينا التضحيات الجسام ورأينا كيف راوحت الثورات مكانها وكيف ركبها الانتهازيون ووجهوها الى غير قبلتها الحقيقية، رأينا الفوضى والدمار ورأينا الفرق بين أحلام الجماهير وواقعهم المر.

لا معنى للربيع العربي اذا لم يُفتح الباب أمام عودة الدولة والناس إلى الاحتكام للدستور والقانون والحكم الديمقراطي القائم على الشفافية والمساءلة والحداثة وروح العصر، لا معنى للربيع العربي إذا أزاح حاكما مستبدا وجاء بفكرة أو حزب أو فرد أكثر استبدادا.

لقد ولّى زمن اندماج الحزب أو الزعيم بسلطة الدولة لتكريس الهيمنة والقهر، فهذا نموذج أصبح منبوذا وخارج روح العصر، لأن الديمقراطية والمكاشفة اصبحتا عنوان المرحلة. والديمقراطية في جوهرها نظام لحماية الفرد والدولة معا وترسيم خطوط العلاقة بينهما، بعيدا عن التعصب والانغلاق ومصادرة حقوق الآخرين.
ما نحتاجه في الأردن بسيط جدا، أن لا نقع في أخطاء الآخرين بل نستفيد من تجاربهم ونبني عليها، ونختصر الطريق ونوفر معاناة الناس، وأُولى تلك المهمات هي تحويل الحراكات الشعبية إلى أحزاب برامجية واقعية (كما هي دعوة جلالة الملك) وأن تخوض الأحزاب جميعها الانتخابات البرلمانية بعيدا عن التمترس في المواقف ومحاولات تكريس الهيمنة. وفي المقابل على الدولة أن تستمع للناس وتقترب منهم وتعي أن توسيع المشاركة الشعبية في صناعة القرار السياسي والاقتصادي هو توسيع لشرعية النظام نفسه.

يخطئ من يعتقد أن الأردن ونظامه السياسي وشعبه لقمة سائغة اليوم. والأردنيون الذين عرفوا الأمن والاستقرار لا يمكن أن يفرطوا بهما مقابل أحلام ومغامرات فشلت عند غيرنا، فـ"النظام السيئ خير من اللانظام" كما يقول أنطون سعادة ، لكن مهمتنا أن نحول السيئ إلى حال أقل سوءا أو حال أفضل.


n.ghishan@alarabalyawm.net


العرب اليوم





  • 1 ابو رمان 19-12-2012 | 05:15 PM

    ان لم يكن الوضع للافضل فعل الاقل تكون الشعوب قد تخلصت من دجاليها


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :