تداعيات ما بعد "الحراثة" في زمن "العوامة"
هند خليفات
29-11-2007 02:00 AM
مراراً أقولها وبكل فخر أنني أنحدر من العائلات المستورة ثقافياً .. لا اخجل القول اليوم وغداً أني لا أذكر أمي استماتت في تأمين بطاقات دخول لحفل موسيقي "هيب هوب" في طفولتي، باستثناء حفلات التوجيهي و"المترك"، التي تبدأ بمقطوعة "مرة الحَلونجي" التي تكون عادة: باب البريد ...من هو اللي قاعد باب البريد؟!
يقرا جريدة ها الشاب محمد يقرا جريدة""..
و لتتصاعد حدتها بمقطوعة أخرى ذات طابع تراجيدي :
"" لا تضربني.. لا تضرب.. كَسََرت الخيزارانة""..
أما معارض الفن التشكيلي فحدث ولا حرج، فأول معرض ارتدتهُ في حياتي كان معرض "أبو صالح" وإخوانه للألبسة الجاهزة و جهازات العرايس ...جملة ومفرق.
غير أن اليوم يجتاحني هجير الحزن ويقض مضجعي رياح شرقية الحنين.. ستائر آخر الصبر تلوح أمام سرير السلوى.. أأدفن رأسي بوسادة الكتابة ؟!!
مجنون وخيالي من يظن أن أبناء "الحراثين" قد يصلحون يوماً كتاباً وفنانين ..أنه أشبه بغنيمة غيمة في بِنطال، أو برحلة فراشة برية نحو القمر، لتصطلي بوهج مصباح يُساهر الليل، ليبقى من ذكرى حومها القصير دخان رماد ألوان أجنحتها، أما القمر الذي تنشد فهو بعيداً بعيداً حد صبر الجنوب على أنين ليال الشمال الحزين... ادري أن الحديث عن تلك الأحلام العاثرة أشبه ما يكون بسواليف "عصيدة" !!
قلبتي رُزنامة الذكرى.. إنها "بعض الحكاية" فقبل عام من اليوم كان معرضي الفني الأول ... تخيلوا أنا تلك "المغدورة" أعلاه التي لم يحدث أن روضتني تقنية الرسم، أو شَذبت جموح روحي حرفية التقليد ، أتطاول حينها وأقدم نفسي كفنانة !! كأنني حينها قد تناسيت تلك الحقيقة؟!!
اليوم سامحوا زلاتي الكبيرة فأمثالي يجب أن تكون معلمة أضافي في أطراف القويرة أو عاملة بريد تدمغ رسائل الغياب وتلصق طوابعها بدبق العذاب، أو ربما كقدر ذاك الـ " محمد" الذي كان يقرأ الجريدة في مقطوعة "مرة الحلونجي" حينها على باب البريد ..وكنت اسأل لماذا كان " محمد" يقرأها على باب البريد، ولِمَ لم يكن ينتظر أن يقرأها في شرفة التراس مثلاً..أقطع يدي إن لم يكن ذاك الـ"محمد" الذي تغنت به نسوان الحي إن لم يكن "إمشحراً" كحالاتي وان لم يكن قد استعار الجريدة من البريد !
ففرخ الحراث ماذا سيكون؟! أعَوََام مثلاً ؟!!
لذا أصمت يا رفيق وهات "الفأس" واتبعني...
hindcolors@yahoo.com