أكتب اليوم وأنا أشعر بثورة عارمة داخلي، ثورة يشوبها الاستهجان والدهشة، ثورة لم يستطع الربيع العربي برمته أن يصل حدها...!! ثورة يتصارع داخلي فيها المنطق مع اللامنطق والعقل أمام اللاعقل...!!! اليوم وبكل أسف باركت حكومتنا الرشيدة توجه شركات الدخان بتخفيض سعر السجائر أربعون قرشا للعلبة الواحدة..!! بمعنى أن سعر الدخان اليوم أصبح ينافس أسعار الغذاء والماء والكهرباء سابقا. أذكر منذ زمن كانت جدتي رحمها الله تستخدم مثلاً دائما في عهدها "رخيص بسعر المي...!!!" والآن مع الأسف سنقول الله يرحم ترابك يا جدتي "رخيص بسعر الدخان...!!!"
أن القرار الذي تبنت شرعيته حكومتنا الرشيدة والخبيرة طبعاً وبررته مراعاة لظروف المدخنين الاقتصادية وللحد من ظاهرة التهريب التي أصبحت مصدر قلق على شركات الدخان وكبدتها خسائر كبيرة في الآونة الأخيرة بالنسبة لي بصراحة أجده غير منطقي وغير مدروس من كل الجوانب، ولسوف أضع بين أيديكم منطقي الشخصي علني أصل معكم لما وصلت له حكومتنا بعد أن نطقت كفراً.
أيعقل أن حكومة تمتلك العقل والحنكة الشعبية والخبرة الاقتصادية أن تراع ظروف المدخنين ولا تراع ظروف المواطنين المعيشية وأن تتغول على قوتهم اليومي؟! أيعقل أن ترفع حكومتنا الدعم عن المواد الاساسية الاستهلاكية والماء والكهرباء وسعر المشتقات النفطية والمحروقات في فصل الشتاء وتخفض بالمقابل سعر السجائر في حين أن سعرها بشكل عام مرتفع عالمياً...؟؟! أيعقل أن حكومة تمنع الدخان بالأماكن العامة وبالمقابل تخفض أسعاره وتشجع جميع فئات الشعب على ممارسته؟!
أيعقل أن لا تنظر حكومتنا الرشيدة بعين الرأفة والرحمة لصحة أبنائها وأطفالها لدى زيادة الطلب الآن على الدخان ولا تنظر لارتفاع التكلفة العلاجية والضرر الكبير الذي سيتركه الدخان على صحة أفراد عائلتها، مع العلم أن معدل الإنفاق الحكومي في الأردن على قطاع الصحة لا يتجاوز 6% من مجمل الدخل القومي..!! حاله كحال الإنفاق في العالم العربي في حين أن معدل الإنفاق الحكومي الغربي على قطاع الصحة يصل الى 15%..!!!
أيعقل أن حكومة بكامل طواقهما وكوادرها وأداراتها الأمنية والدفاعية ومؤسساتها وكفاءاتها العلمية والأقتصادية والطبية التي تعتبر محل استقطاب وثقة دول العالم أجمع أن لا تتمكن من إيجاد ألية لمراقبة التهريب والقبض على المهربين وضبط المداخل الحدودية...؟؟! أيعقل أن نعالج الخطأ بخطأ أكبر منه ونكافح الجريمة بجريمة أبشع...؟؟!!
لماذا تسير حكومتنا دائما على مبدأ خالف تعرف؟؟!! وبأي منطق سياسي فكرت عند اتخاذها هكذا قرار...!! هل دخنت عقول المسؤولين لدينا فأصبحوا لا يعوا ما وصلنا إليه...؟؟!! بصراحة لا أجد منطقا او مبرراً للحكومة لاتخاذ هكذا قرار سوى العجز وقلة الحيلة وعدم المسؤولية وغفوة الضمير الذي ستحاسب عليه أمام الله عز وجل...!! فارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء واتقوا الله بهذا البلد ...!
ملاحظة: المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب الشخصي ولا يمثل أي جهه أخرى
rulanassraween@hotmail.com