-1-
لا تشتعل النيران كـحريق بلا هشيم. فإن لم تجده، تلمع برهة كـشرارة، ثم تخبو. لا حرائق بلا هشيم. فالنار تطفئها الحياة. تقتلها الليونة والمرونة والرطوبة.
الأشجار، وفي الخريف وحده، تقذف إلى الدنيا هشيمها، على هيئة أوراق يابسة. لا خريف بلا أوراق ساقطة. وفي برهة، هي لحظة خاطفة، تمتدّ بين البدايات والنهايات، يتكون الهشيم.الطبيعة، عادة، لا تخطئ. وإن فعلت، فبسرعة تعيد تصحيح أخطائها، لصالح الحياة ودورتها المعتادة. في لحظة الهشيم إياها، يعيد التدخل البشري، نشاطاً أو فعلاً أو حركة، إمكان واحتمال الحريق. فمن عادة الخريف أن يُسْلِم الشتاء هشيمه الساقط ليصير مواد عضوية في بطن الأرض. وإذا نجحت دورات الفصول في استلام وتسليم أماناتها، اكتملت طقوس التكرار والحياة. أما إذا اختطف أحدٌ من الخريف أمانته، فليس للهشيم اليابس سوى مصير واحد: الإحتراق.
عضو الكنيست اليميني يسرائيل حاسون، عن حزب إسرائيل بيتنا، هو من أطلق على المؤتمر العتيد اسم مؤتمر أنوفوليس. مشيراً إلى أن المباحثات المنتظرة تثير لديه الأعراض نفسها، التي تثيرها بعوضة انوفوليس التي تنقل وباء الملاريا، وهي أعراض: الهلوسة والرعشة والحمى...(!).
-2-
كاتب إسرائيلي يميني آخر إلياكيم هعتسني، هو من كتب قبل أسابيع، في وصفه للحالة الفلسطينية مقالاً طويلاً، بعنوان :تشريح حالة تحلل.
-3-
اللبنانيون، وليس غيرهم، هم من كانوا يتندرون ساخرين مما فرضته الوصاية الأوروبية عليهم، عندما أسسوا لهم نظام المتصرفية، أو لبنان الصغير. حيث فرضوا عليهم أن يكون رئيسهم مسيحياً أجنبياً من خارج لبنان، على سبيل تجربة امتدت أربعة وخمسين عاماً (1861 (1915 -، هي عمر لبنان الصغير. وحين انتهى النظام، باشتعال الحرب العالمية الأولى، سخر اللبنانيون قائلين:أولهم أرمني وآخرهم أرمني، اشارة إلى المتصرف الأول داود باشا الأرمني، والمتصرف الأخير اوهانس الأرمني.
أما ما تلى تلك التجربة، فلا تجده إلا عند مؤسس النظام السياسي اللبناني الحديث، ميشيل شيحا، صاحب الصيغة اللبنانية، التي لا يخلو حديث لبناني حالياً من تكرارها، سواء في الأكثرية أو المعارضة.
وحازم صاغية ذاته، الكاتب اللبناني الشهير، هو من قدم نقداً لصيغة شيحا، قبل نحو ثلاثين عاماً، حين قام بتشريح اعادة قراءة شيحا للصيغة اللبنانية، على ضوء قيام دولة إسرائيل. فصاغية السابق، رأى ان شيحا طمح إلى لبننة إسرائيل ككائن جديد عن طريق تعايش الطوائف. ووقف الجنوح إلى الصهينة والعنصرية، بوصفهما يمارسان قطعاً مع ما يمثله التعايش اللبناني. أي أن شيحا قدم رده على إسرائيل بالطوائف نموذج لبنان. لأن هذا يضمن عدم استنهاض الرد الآخر: أي الرد بالجماهير، وهو أيضاً يوفر تعميم الغلبة المارونية (وهناك الغلبة اليهودية)، بدل الهيمنة العنصرية الكاسحة والشمولية، التي تضع المنطقة بكاملها على فوهة بركان.
أي أن شيحا دق نواقيس الخطر، خوفاً من اختلال الصيغة اللبنانية على يد الصيغة الإسرائيلية. فبحسب رأيه أن الغلبة تكفي ولا حاجة للهيمنة.
اليوم، وبعد نحو ستين عاماً، نحن أمام مستقبل كيان سياسي يربط حقوق المواطنة بالدين. فإسرائيل تعكف الآن على اعداد دستورها، على أساس أن مواطن هذه الدولة هو اليهودي. واليهودي فقط.
-4-
ثمة أوهام كبيرة تنمو، بأن فرص النجاة بكيانات صغيرة ممكنة. أوهام يجري تسويقها، على أنها توظيف إيجابي (!) للمشروع الأميركي الطامح للسيطرة على المنطقة، وإعادة تشكيل نظامها الاقليمي والسياسي والاقتصادي وهويتها الثقافية.
تُرى، حين يمر الزمن أمامنا كغفلة: من سيقف متثائباً على تلّ هذا الخراب الجميل..؟!.
FAFIEH@YAHOO.COM