الاقتصاد الأردني في ظل الربيع العربي
سلامه الدرعاوي
17-12-2012 05:19 AM
تداعيات الربيع العربي على الاقتصاد الاردني متعددة ، منها ما هو سلبي ، ومنها ما هو ايجابي ، المهم هو كيفية تعامل الحكومات مع احتجاجات الشارع ،وكيفية ادارتها لازمة الحراك .
ايجابيا، كان للربيع العربي اثار مهمة على عمليات الحد من الاعتداء على المال العام ووقف الهدر في انشطة الدولة الانفاقية غير الرشيدة ، فالمسؤول اليوم بات يحسب الف حساب لاي قرار مالي سيتخذه ، في السابق كانت الرقابة في اضعف حالاتها .
فتح ملفات الفساد واسترداد الاموال ، بعد ان اعتقد فئة من المسؤولين ومن اعتدوا على المال العام انهم محصنون من المساءلة ، اليوم لا احد محصنا من المحاسبة والكل خاضع للتقييم والمكاشفة.
باتت الحكومة سريعة في الكشف بكل نزاهة عن اليات التمويل لديها وكيفية انفاقه ، لان الشارع يطالب بانفاق رشيد يحقق التنمية ويوزع ثمارها ومكتسباتها بشكل اكثر عدالة .
تداعيات الربيع العربي شكلت صدمة كهربائية للحكومات ، بانه لا يمكن ان تخطط بعيدا عن مشاركة الشارع في عمليات صنع القرار او حتى الاستماع الى مطالبهم، وتنامي اصوات المحتجين اجبرت الحكومات على مراجعة خططها التنموية بحيث تقترب من الواقع .
الحراك الوطني ايقظ الحس المسؤول عند رجالات الدولة وكل من يعتلي منصبا رسميا ، بان المهمة المكلف بها هي اولا واخيرا لخدمة الموطن .
لكن ايضا تداعيات الربيع العربي على الاقتصاد الاردني كانت في بعض الجوانب سلبية من عدة جوانب ابرزها ، تردد المسؤول في اتخاذ القرارت الحاسمة او حتى الروتينية منها تجنبا للمساءلة او اتهامه بتهم مثل الفساد والمحسوبية .
بعض الدوائر الرسمية استسلمت لتداعيات الربيع العربي ولم تطور نفسها ولم تعمل على تحديث انشطتها التي تتطلب تحركا وتحديثا مستمرا لكي تنمو وتحقق اهدافها ، فباتت بعض المؤسسات الرسمية للاسف تعيش على «وهم الاستسلام «.
الربيع العربي خلق فئة من الموظفين المحتجين على الدوام ، يعطلون الاعمال ويواصلون الاحتجاجات ، ويؤخرون المعاملات ، ويخلقون فوضى في مؤسساتهم مقابل مطالبات بعضها بدا غير منطقي على الاطلاق ، مستغلين المرونة التي تبديها الدولة في التعاطي معهم ومع مطالبهم.
حالة الاحتجاجات وتنامي الاعتصامات القت بظلال قاتمة على الحركة التجارية والاستثمارية الكلية في الاقتصاد ، وادخلتهما في حالة حذر وركود ، وهو ما اضعف من انشطة القطاع الخاص وولد ضغوطات جديدة على الموازنة التي بدات تدعم مزيدا من السلع والخدمات ، وبدا القطاع العام يستقبل مزيدا من العاملين للوقوف في وجه شبح البطالة ، هذه كلها تداعيات مالية جديدة ستنفجر في وجه اي حكومة يوما من الايام في حال عدم التصدي لها بشكل جذري .
لا يمكن لاي اقتصاد تجنب تداعيات الربيع العربي، فهو كالطوفان ، لكن بامكان اي حكومة ان تعمل على تعظيم الاستفادة من بعض الايجابيات التي احدثها خاصة في مجال الرقابة ومكافحة الفساد والمساءلة ، اما مواجهة باقي التداعيات فلا تكون الا بحوار وطني شامل بين كافة الاطياف ، يفضي في النهاية الى عملية سياسية جديدة .
Salamah.darawi@gmail.com
الرأي