تولي الولايات المتحدة الأميركية اهتماماً بالغاً في منطقة الشرق الأوسط ذات الأبعاد الاستراتيجية لعدة أبعاد أهمها: وجود إسرائيل في المنطقة، البترول والموارد الطبيعية، الأسواق التجارية، والأنظمة السياسية المعتدلة والتي لها علاقات تاريخية مع واشنطن، فمنذ ستة عقود لم تكن الولايات المتحدة بعيدة عن المنطقة فهي تؤثر وتتأثر بل وأكثر من ذلك تساهم في رسم السياسة العامة في المنطقة ولا يمكنها تجنب التعامل مع التهديدات والتحديات الموجودة، وتشير الدراسات أن القضايا الأكثر إلحاحاً ويجب التعامل معها بجدية وهي في مقدمة جدول الأعمال الأمركية، وتتمثل بما يلي: التحدي النووي الإيراني وآليات التعامل معه لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي بأي شكل من الأشكال، اسقاط نظام بشار الأسد في أقرب وقت ممكن لفرض هزيمة استراتيجية على إيران وفصل محور المقاومة الذي يربط إيران، دمشق، لبنان (حزب الله) ومنع أقلمة الصراع السوري وإنهاء معاناة الشعب السوري ومنع ظهور نظام ديني متطرف كنتيجة لهذا، وأخيراً الحيلولة دون سقوط أي من الأنظمة المعتدلة وبالذات الملكيات في الشرق الأوسط والوقوف ضد أية تحديات أو تهديدات تمس هذه الدول، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة الاستمرار بالإصلاحات السياسية الديمقراطية حيث إن هذه الدول تشكل نقطة ارتكاز للمصالح الأميركية في المنطقة، ويكمن في السياسة الخارجية الأميركية للسنوات الأربعة القادمة ضرورة إيلاء الاهتمام الخاص بالقادة السياسيين في المنطقة وهم: رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والجيل القادم من الأمراء السعوديين من خلال بناء تفاهمات حول الاستراتيجيات والإصلاح مع هذا الجيل.

وورد في التقرير والدراسات المشار إليها أن على الولايات المتحدة منع حدوث كوارث ثلاث وهي: مس الاستقرار في الاردن والوقوف أمام التهديدات والتحديات التي تواجهها، منع انهيار السلطة الوطنية الفلسطينية والحفاظ عليها، ومنع ظهور أي معقل جهادي في سيناء. أما المبادرات الرئيسية التي يجب أن تحاول الإدارة الثانية لأوباما طرحها وهي؛ إعادة النظر في العلاقات مع حكام مصر الإسلاميين، إبرام اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة ومصر، وإسرائيل، وإصلاح العلاقات التركية- الإسرائيلية. في ضوء كل ما سبق فإن هناك احتمالات لتأثير متغيرات على هذه الاستراتيجية والتي تتمثل بنتائج الربيع العربي ووصوله إلى الأنظمة الملكية في المنطقة، ازدياد معدل المصادمات والهجمات في جزيرة سيناء، الاستخدام الفعلي لأسلحة الدمار الشامل أو الأسلحة الكيماوية في الصراع السوري إحياء حركة المعارضة في إيران مجدداً ضد النظام القائم، والمتغير الأخير هو تجاوز إيران العتبة النووية، هذا باختصار طبيعة الاستراتيجية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط والمخطط لها لكن ربما هناك متغيرات متداخلة تعمل على إفشال هذه السياسة في منطقة يصعب أحياناً تصور التطورات فيها.

الدستور