الشعب يريد توقيتا شتويا!!
جهاد المنسي
16-12-2012 04:28 AM
أبدع الزميل ناصر الجعفري كالعادة، من خلال رسم كرتوني نشر في "الغد" قبل أيام، في نقل معاناة طلاب المدارس صباحا مع التوقيت الحالي، وكيف أنهم يستقلون الباص والظلام دامس.
عَبّر الرسم الكرتوني عن معاناة حقيقية يشعر بها أولادنا وأطفالنا، وهم يستقلون باص مدرستهم قبل "الشحادة وبنتها" في الصباح الباكر، وقبل أن تشرق شمس اليوم الجديد للذهاب إلى مدارسهم.
قصة "الشحادة وبنتها" معروفة في تراثنا الشعبي، فالعادة عند أمهاتنا وجداتنا تشبيه كل من يصحو باكرا لغرض ما قبل بزوغ فجر الصباح بالقول "مالك صاحي بكير قبل الشحادة وبنتها"، وفي هذا دليل على الاستغراب من الصحو الباكر بهذا الشكل.
هذا يحدث مع طلبة يستقلون الباص ذهابا وإيابا للمدرسة، فما بالكم في أطفال يذهبون لمدارسهم مشيا على الإقدام، ويضطرون لقطع مسافة ليست قصيرة من البيت إلى المدرسة، وفي هذا خطر على أطفالنا من كلاب ضالة، ومن أخطار الطريق الأخرى، ودعونا نستذكر في هذا المقام بأن الطفل ورد لم يعرف مصيره بعد 5 سنوات من الغياب، فلماذا نصر على المخاطرة بأطفالنا ونبتعد عن التفكير بما يمكن أن يحصل معهم في الطريق.
قد تقول الحكومة إننا تركنا لمديريات التربية تحديد موعد الحصة الأولى وفق متطلبات الحاجة، حسنا، ولكن هذا الكلام لا ينفي المشكلة من أساسها، فالتوقيت الحالي مزعج للجميع، وليس لطلبة منطقة بعينها، سيما وان شروق الشمس سيبدأ خلال الأيام المقبلة عند الساعة السابعة وخمس دقائق صباحا وفق توقيتنا الحالي، وهذا يعني أن الذهاب للمدرسة سيكون في ليل حالك وظلام اشد.
شخصيا، حتى الآن لم أعرف الحكمة التي دعت الحكومة للإبقاء على التوقيت الحالي كما هو دون تغيير، ولماذا الإصرار على الخطأ؟ فالحكمة لا تعني أن تركب الحكومة رأسها، وتصر على قرارها دون مراعاة لشكاوى طلاب من ظلام الليل، وصعوبة الوصول للمدرسة في جنح الليل، وأحيانا يمكن أن يرافقهم في سعيهم للعلم كلاب ضالة، وحيوانات أخرى.
حتى الآن اقلب السر وراء بقاء التوقيت عما هو عليه الآن دون أن أصل لدليل ملموس يرشدني لسبب تعنت الحكومة في رأيها، وخاصة أنها (الحكومة) سبق أن أوسعتنا كلاما وحديثا عن الشفافية والوضوح في كل ما تقوم به (حتى الآن لم تنشر الحكومة شروط اتفاقها مع صندوق النقد الدولي، ولم تبرر سبب عدم قيامها بنشر ذلك رغم أنها وعدت قبل شهور بفعل ذلك، وما زلنا ننتظر شفافية الحكومة في هذا الصدد).
ماذا يضير الحكومة إن عادت عن قرارها في الإبقاء على التوقيت الصيفي، فالتوقيتان الصيفي أو الشتوي يعنيان للحكومة أمرا واحدا وهو تخفيف الضغط على استهلاك الطاقة الكهربائية، ولطالما سمعت مسؤولين حكوميين عند بدء العمل بأي من التوقيتين يخرجون علينا من على شاشة التلفاز ويحدثوننا عن ميزات كل توقيت.
الآن اختلفت الصورة، وتقول لنا الحكومة الحالية إن ما قامت به يوفر أكثر، هذا يعني أننا طوال عقود من العمل بتقلب الساعات كنا على خطأ، وساهمت الحكومات المتعاقبة نتيجة استمرارها في الخطأ بهدر لا داعي له.
كنا نسمع الحكوميين يقولون إن التوقيت الشتوي يؤدي إلى قصر فترة النشاط التجاري وتقليل عدد الساعات بين نهاية الدوام وحلول الليل، ما يعني تخفيض استهلاك الطاقة مع اختصار فترة الذروة، ويقولون عن التوقيت الصيفي بأنه يخفض استهلاك الكهرباء لأغراض الإنارة ساعة واحدة يوميا وفي ذات الوقت يمنح وقت تسيير الأعمال والإنتاج ساعة إضافية.
بدون مقدمات، وفي ظل تأخر شروق الشمس، وما يعانيه أطفالنا عند الذهاب لمدارسهم نقول يا حكومة "الشعب يريد توقيتا شتويا".
jihad.mansi@alghad.jo
الغد