قائمة تنشق عن الاخوان المسلمين وتخوض الانتخابات
د.حسين الخزاعي
16-12-2012 01:07 AM
عندما قرر مجلسا شورى الحزب وجماعة الاخوان المسلمين بتاريخ 12 تموز الماضي مقاطعة الانتخابات ، واتبع هذا القرار بتاريخ 5 آب الماضي بقرار عدم المشاركة في عملية التسجيل للانتخابات النيابية،كان السؤال الذي يدور في اذهان الباحثين والمتابعين عن سبب صدور هذا القرار قبل نصف سنة من موعد الانتخابات ، والسؤال الاكثر شيوعاً لماذا تصدر مثل هذه القرارات بالرغم من كونهم جزءً من النسيج الاجتماعي في المجتمع الأردني، والقاعدة الفقهية الشرعية تؤكد المشاركة في الانتخابات، والحركة الاسلامية تعتبر ان المشاركة في الانتخابات هو الاصل وعدم المشاركة هو استثناء. والاخوان المسلمين منذ عودة الانتخابات النيابية في عام 1989 شاركوا في اربع دورات انتخابية، ثلاثه منها حسب قانون الصوت الواحد – المجزوء – حسب وصفهم، فهل يلدغ المؤمن أكثر من مرتين؟! ولماذا شاركوا في الانتخابات بما ان القانون غير حضاري وغير عادل وليس على – مقاسهم – ولا يحقق طموحاتهم ؟، ام ان الانتخابات عندما يشارك فيها الاخوان المسلمين يكون التصويت فرضا وواجب وامانة وعندما يقاطعون تصبح شركاً وفساداً وباطل وخيانة !!! لا اريد ان ادخل في حيثيات وتفاصيل هذه القرارات إلا أن الاستنتاج الوحيد الذي يصل اليه الباحث والمتابع للقرارات والشعارات والبيانات والمسيرات والحراكات التي يقوم بها الاخوان المسلمين في الأردن يجد انها قرارات غير متوازنة ومتخبطة تفوح منها روائح الفوضى والتشرذم والانقسام، وبعد ان بدأت تلوح في الافق اسماء بعض المرشحين وبعض القوائم الوطنية التي ستخوض الانتخابات النيابية المقبلة ، فان قائمة من قيادات الاخوان ستنشق عن الحزب والحركة وستخوض الانتخابات المقبلة في دوائر متعددة في المملكة بالصفة الفردية أو عن طريق الانضمام لبعض القوائم ضاربة عرض الحائط تعليمات الحزب والجماعة، واليكم الملاحظات والحقائق التي تدعم صدقية هذا التحليل من خلال استعراض بعض الانشقاقات السابقة في صفوف الحركة الاسلامية والتي نجحت في الانتخابات السابقة.
اولا : الانشقاق الأول كان في عام 1997 عندما قاطعت الحركة الإسلامية الانتخابات التي جرت لانتخاب أعضاء المجلس الثالث عشر، وتقدم للانتخابات بصفة مستقلة مجموعة من الإسلاميين نجح منهم عبد الله العكايلة، ومحمد الأزايدة، وسلامة الحياري، ومحمد رأفت.
ثانيا: الانشقاق الثاني كان في الانتخابات النيابية للمجلس النيابي الرابع عشر عام 2003 ، حيث قررت مجموعة من قيادات الحزب المخضرمين وعددهم " 5" اعضاء الخروج عن قائمة الحزب الرسمية المعلنة للانتخابات ، وقرروا الترشيح بالصفة الشخصية مخالفين بذلك قرار الحركة الاسلامية وهؤلاء هم فضيلة الشيخ عبد المنعم ابو زنط وحصل على (13033) صوتا في دائرة عمان الثانية ، الشيخ محمد أبو دولة وحصل على ( 1521) في دائرة اربد الثانية، الشيخ محمد سليم المومني وحصل على (1237) في دائرة عجلون الاولى، الشيخ راجح سلهب وحصل على (896) صوتا في الكرك الدائرة الاولى، الشيخ محمد صالح مطيع الشيشاني وحصل على ( 422) في دائرة الزرقاء الاولى، ونظرا لخروج هؤلاء الاعضاء عن اجماع الجماعة، وترشحهم للانتخابات بالصفة الشخصية اعلن المكتب التنفيذي لحزب جبهة العمل الإسلامي يوم 4/6/2003 قرارات فصلهم. وكانت نتيجة هذا الترشيح الفردي فوز الشيخ عبد المنعم ابو زنط بالانتخابات في الدائرة الثانية وحصل على (13033) بالرغم من صدور قرار بفصله ن الحزب لخروجه عن قرار الجماعة ، فلماذا لم تمتثل القواعد الاخوانية الذين انتخبوا الشيخ ابو زنط إلى تعليمات الحزب والجماعة وعدم انتخاب الشيخ ابو زنط بعد فصله من الحزب؟! وهذا ان دل على شيء فانما يدل على ان المنتسبين الى " الحزب " في واد وقياداتهم في واد اخر ؟ وتجسدت الصدمه من خلال مجموع الاصوات التي حصل عليها القادة المنشقين والذي بلغ 17109) )صوتا . أي بنسبة (18%) من اجمالي اصوات غير المنشقين من الذين شاركوا في الانتخابات . فاين توجيهات وتعليمات قادة الحزب بعدم المشاركة والتصويت والترشيخ ؟ !.
ثالثاً: الانشقاق الثالث جرى في الانتخابات النيابية للمجلس الخامس عشر التي جرت في عام 2007 ، وجرى تنفيذ نفس السيناريو الانفصالي والخروج عن قائمة الحزب المعلنة، ورشح للانتخابات (5) من اعضاء الحركة الاسلامية منهم مخضرمين ومعروفين في الشارع الأردني، وهم مع حفظ الالقاب رئيس فرع الحزب في الرصيفة محمد الحاج وحصل على (5389) في الدائرة الرابعة في الزرقاء الرصيفة ، والشيخ عبدالوهاب الكساسبة وحصل على (564 ) صوتا ورشح عن (لواء عي ـ الكرك) ، والشيخ عمر ربابعة عن دائرة عجلون ، والشيخ صالح سليم (لواء الكورة ـ إربد)، والشيخ احمد نواش وحصل على ( 1629 ) في محافظة جرش . والضربة الموجعه للحركة الاسلامية تجسدت بفوز الشيخ محمد الحاج رئيس فرع الحزب في الرصيفة والذي فصله الحزب كونه ترشح بدون موافقة الحزب وحصل على (5389) صوتا ، والحق " محمد الحاج " هزيمه قاسية في مرشح حزب جبهة العمل الاسلامي فضيلة الشيخ جعفر الحوراني الذي لقي دعم واسناد من الجبهة ولكنه حصل على (3747 ) صوتا فقط ؟! . والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لم تدعم الجبهة مرشحها وتمكنه من الفوز على من خرج عن قائمة الاجماع ؟! . وهذا يقودنا لتأكيد المؤكد ان بيانات وتصريحات وتوجيهات قادة الحزب والجبهة والشورى لا يجد الالتزام والاصغاء من القواعد الشعبية.
رابعاً : الانشقاق الرابع جرى في الانتخابات النيابية للمجلس السادس عشر (2010 (، بالرغم من التحذيرات المبكرة والتهديد والوعيد بفصل من يخرج عن اجماع الجماعة في حال ترشحه للانتخابات النيابية ، رغم ذلك تقدم ( 8 ) اعضاء من الحركة الاسلامية بطلبات ترشيح للانتخابات النيابية و(4) اعضاء من الحركة تم فصلهم في سنوات سابقة ، حيث ترشح احمد القضاة في الدائرة الفرعية الأولى في محافظة عجلون وفاز وحصل على (6681) صوتاً ، ومدالله الطراونة في الكرك وسهام بني مصطفى وعطاالله قبلان في جرش وسمير الدبابسة ومحمد مسعد ونضال ثلجي وعارف ابو عيد في البلقاء. بالاضافة الى ترشح اعضاء سابقين من الحركة الاسلامية وهم مع حفظ الالقاب " عبد الله العكايلة في الطفيلة ومحمد الحاج رئيس فرع الحزب السابق في الرصيفة في الزرقاء ونايف الليمون في الكرك وعبد الكريم ابراهيم زيد الكيلاني وهو ابن فضيلة الشيخ الاسلامي المعروف ابراهيم زيد الكيلاني وترشح في الدائرة الثالثة في محافظة العاصمة . وللعلم بان هناك ضغوطات جرت من قبل قيادات في الحركة الاسلامية لثني عدد آخر من القيادات الاسلامية التي كانت ترغب المحاولة في الترشيح للانتخابات وعدلت عن رأيها " من باب الخجل وعلى مضض " بعدم الترشيح مع اقتناعها التام بالمشاركة والترشيح للانتخابات . وصدر قرار بفصل هؤلاء من الحزب .
وبعد،،، نلمس ان الحراك الشعبي نشط نحو المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة ، والحراك نحو المشاركة في الانتخابات يشير الى ان قيادات في صفوف متقدمة من الاخوان المسلمين ستنشق عنهم وستترشح للانتخابات النيابية وستجد الدعم من قواعدها الشعبية، وثقلهم الشعبي سيمكن بعضهم من الفوز في الانتخابات وسيكون لهم وجود وتفاعل مع المجتمع وفي اروقة البرلمان ومتابعة ومراقبة اعمال الحكومه وسيشاركون في ورشة الاصلاحات السياسية والاقثصادية القادمة التي تخدم الوطن والمواطن ومسيرته التنموية .فقرار الحركة الاسلامية في مقاطعة الانتخابات لم يكن صائبا وادخل الحركة الاسلامية في قطيعة مع النسيج الاجتماعي الأردني.وسيجعلهم يعيشون اربع سنوات قادمة بعيدون عن العمل البرلماني والحكومي والتواجد الفعلي في اماكن صنع القرار، وكما يقولون في المثل الشعبي سيخرجون في – خفا حنين - ومقاطعتهم للانتخابات ساهمت في تمسك المواطنين في المشاركة في الانتخابات وانجاحها، وخاصة بعد مراقبة الأردنيين لما يجري من صراعات وتقسيمات شعبية وطائفية وزحف مقدس نحو الكراسي في الشارع المصري!!!.
مسك الكلام،،، لن يفصلنا عن موعد الترشيح للانتخابات إلا ايام معدوده ستثبت صدقية تحليلاتنا، للاسف الشديد الاخوان المسلمون كل يوم يكشفون للشارع الأردني انهم بعيدون عن النسيج الاجتماعي ، وانهم في واد والوطن والمواطن في واد آخر، ورؤيتهم وحراكهم لا يخدم الا رموزهم المتصارعة والمفككة، ويصدق فيهم قوله تعالى" تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ...صدق الله العظيم .
ohok1960@yahoo.com