منذ أن بات مؤكدا إجراء الانتخابات النيابية و الأسماء السياسية القديمة تظهر بشكل أو بآخر مذكرة بنفسها أنها صاحبة الحل السحري. قبل شهر أو أكثر طالعتنا وسائل الإعلام برسالة مرفوعة لجلالة الملك وقعها الكثير من الأسماء يقترحون فيها على جلالته سبلا لتطوير الشأن الاقتصادي بالبلد. و قد أثارت هذه الرسالة الكثير من التساؤلات حول قدرة هؤلاء الاقتصاديين و السياسيين على النهوض بهذا الحمل الثقيل لأنهم أو جلهم كان السبب فيه سواء بالوزارات أو المجالس النيابية التي حفظنها عن ظهر قلب، فما شهدنا لهم اقتراحا لمشروع يقيل عثرة الوطن أو اعتراضا على مشروع ذهب بخيراته.
و ما أن خمد الحديث عنها حتى برزت لنا وثيقة زمزم التي ظهرت فجأة بطريقة لفتت الانتباه لكون من يدير عجلتها شخصيات في أكبر حزب في الأردن و هو جبهة العمل الاسلامي. و سواء كانت هذه الوثيقة ذراعا للحركة أو غير ذلك إلا أن هذه الشخصيات لم يكن لهم حضور في الحزب الكبير بتطوير الوضع الاقتتصادي. لقد كان جل اهتمامهم منصبّاً على التطوير السياسي.
هذه الأيام أصبحت تطفو على السطح القوائم العامة (الوطنية) للانتخابات النيابية القادمة و تقول أن لديها الحلول السحرية لكل شيء. و لا تختلف الأسماء بهذه القوائم عن الأسماء القديمة إياها، هي نفس الوجوه. أي تطوير يمكن أن يقدمه مسؤول تربع على كرسي المسؤولية سنوات كان عجافا على الأردن و مقدراته؟ هم نفس الوجوه التي كانت تأتينا كمرشحين لمناطق عشائرهم و ها هم يظهرون كمرشحين وطنيين ينفضون العشائرية عنهم وهم ما خرجوا من تحت عباءتها، فهل هذا كلام يُعقل؟ لا بل أن الإشاعات تتردد أن بعض العشائر تقدم مرشحا على مستوى الدائرة ( عشائرياً) و تدعم ابناً لها آخر ذا اسم لامع ليكون ضمن قوائم وطنية، فتدعم قائمته ليكون لها مرشحان.
و يبقى القول هنا في الإعلام مكررا مثنى و ثلاث و رباع أن من يملك العصا السحرية هو الناخب الذي خاطبناه جميعا نطالبه بتحمل مسؤوليته و اختيار الأصلح. و لا أدري ما هي الحلول السحرية لدى هذا الناخب (الغلبان) ليقاوم كل هذه الإغراءات التي يلمع بريق ذهبها أمام عينيه فينظر إليها تارة و الى أولاده الذي ينتظرون منه الدفء بهذا الجو القارص تارة أخرى. لقد وضعنا الناخب بين فكي الكماشة و طلبنا من أن يصبر على فكيها و يختار الأصلح؛ لقد وضعناه بين مطرقة الغلاء و ارتفاع المعيشة و سندان المال السياسي؛ فاي اختيار سيأخذ؟
فالمال السياسي عاد الحديث عنه للظهور ، و البطاقات الانتخابية تحتجز على شاشات التلفزيون و بعد تحرك الرأي العام خاطبت الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات الإدعاء العام للتحقيق بحجز الانتخابات ليتحول الموضوع من احتجاز الى احتفاظ بالبطاقات، أما المال السياسي فما زال مسكوتاً عنه بانتظار ان يطلع علينا أحدهم على شاشة التلفزيون يوزع صوبات ثم يتبين لنا أنه كان يوزعها صدقة عن أمواته. و بمناسبة (الاحتفاظ) بالبطاقات الانتخابية فقد أخبرني والدي أطال الله في عمره أن الناس كانت تحتفظ بالوثائق كعقد الزواج على سبيل المثال عند المختار بأوائل القرن الماضي لخوفهم أن تضيع أوراقهم، فهل ما زال هذا الخوف موجودا الآن و نحن في القرن الحادي و العشرين لنحتفظ ببطاقاتنا عند شخص معين.
أعرف طبعا الحقوق الدستورية التي تسمح لأي شخص بالترشح و لكني حقيقة كنت أتمنى أن يصدر قانون العزل لهذه الأسماء فيمنع كل من تولى منصبا حكوميا سابقا أن يتولى آخر في هذه الفترة الإصلاحية وزيراً أو نائباً و أغنانا الله عن خبرتهم التي ربما سيخرجون بها علينا؛ هذه الخبرة التي أوصلتنا الى ما نحن فيه الآن؛ نريد دماء جديدة و وجوها جديدة إن أمكن.
إن السؤال الذي يدور بخلد الكثيرين من أبناء الوطن كحلم يداعب أفكارهم هو هل سيأتي يوم يمكن ان يكون لدينا فيه برلمان تشريعياُ مشتقاً من اسمه السلطة التشريعية، و ليس خدماتياً. (منشان الله) نريد دورة برلمانية يحمل فيها النواب ملفات قوانين و لا نريدهم أن يحملوا قصاصات ورق مكتوب عليها اسماء يريدون تعينهم بدائرة على الفئة الرابعة. بصراحة أشك بإمكانية تحقيق هذا الحلم عندما استعرض الأسماء المطروحة بالكثير من القوائم الوطنية التي ظهرت لهذه اللحظة لأننا خبرناهم من زمان. لكننا سنبقى نحلم و ربما يتحقق الحلم و سبحان من يُغير و لا يتغير فلربما يتحول هؤلاء فجأة و بقدرة قادر الى مخططين اقتصاديين يُنقذون البلد من مزيد من الانحدار الاقتصادي.
إن الله على كل شيء قدير، و أمره بالكاف و النون.
alkhatatbeh@hotmail.com