وللحريةِ الحمـراءِ بـابٌ بكل يدٍ مضرَّجـَةٍ يُـدقُّ!
د. سحر المجالي
15-12-2012 04:14 AM
إذا كان الباحث، أي باحث، في دهاليز التاريخ، وفي حالة غياب للضمير، قد يجد «مبرراً» لما فعله «هولاكو» في بغداد ذات يوم كربلائي سنة 1258، فإنه قطعاً لن يجد أي سبب مقنع لأنهار الدماء العربية التي تهدر على مدار الساعة منذ أن تخطى الجسد العربي المنهك حاجز الخوف أمام النظام العربي الرسمي على امتداد الساحة العربية من المحيط للخليج ، و على أيد، يقال عنها وبكل أسف وحسرة، بأنها عربية. كما إنه، أي الباحث، قد يعثر على «مسوغ» لأعمال الإرهاب والقتل وسفك الدماء التي تقوم بها الشعوب ضد بعضها البعض في حالات الصراع والحروب، لكن هذا الباحث، لا يستطيع أن يستوعب ما تقوم به بعض الأيدي، التي تصنف بأنها عربية، بقتل وتدمير وإزهاق للأرواح العربية في هذه المدينة او تلك من الأمصار العربية.
إلا أن الكارثة التي لم يشهد لها التارخ مثيل، هو أن يستعين بعض الحكام، ومن أجل الاستمرار في السلطة والتسلط، بمرتزقة، تنصلوا من كل القيم الإنسانية والعقائد السماوية، وامتشقوا سلاح الحقد والانتقام، وبدراهم معدودة، ليمتهنوا قتل شعبه والتنكيل به، واغتصاب حرائر العرب والمسلمين، اللواتي كان يخاطبهن بـــــ» أخواتي وبناتي.!»
تساءل الشعب الإنجليزي ذات يوم كانوني من أيام عام 1258 عن نهاية قهره واستعباده على يد ظلمات القرون الوسطى وتحالف رأس المال الانتهازي والإقطاع المقيت مع الكنيسة الظلامية والسلطة الظالمة. و» إنتفض». وقدم التضحيات في سبيل حريته وفك قيود استغلاله وظلمه، وكان له ما أراد، فقد جاء « الماغنكارتا» ليؤسس لأقدم ديمقراطية في عالمنا المعاصر، حيث كانت جمهورية « إفلاطون» ومدينته الفاضلة هي الموئل الذي استقى منه الإنجليز ديمقراطيتهم.
وإذا كان الغرب، وباقي شعوب العالم، قد تساءلوا مبكراً عن حقهم الطبيعي في الحياة والحرية، واستطاعوا تحطيم قيد الاستعباد والتبعية، في الوقت الذي لم يجرؤ فيه العرب على التفكير بكسر أغلال الخوف وتخطي حاجزه إلا بعد أزمان تلت، إلا أن ما نراه اليوم من صدور عربية عارية تواجه الرصاص الحي، وتتلقى شتى صنوف التنكيل والقهر، وبتصميم منقطع النظير على النصر واستعادة الحقوق، يمثل حالة استثنائية في مقاومة الظلم والقهر و» التهميش»، ومثالاُ لعظمة الهمة العربية إذا ما حصرت»بظم الحاء» في بوتقة الإهمال والدونية والاستباحة.
لقد أعاد الإنسان العربي اليوم، أمجاد امته، مستذكراً صرخة ذلك الأعرابي المسلم في وجه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه « لو رأينا فيك إعوجاجاً لقومناه بسيوفنا»، ، فأجابه عمر»...لا خير فيكم إن لم تقولوها... ولا خير فينا إن لم نسمعها..». وأعادت لنا همة الشباب العربي، الذين لم نكن نحسب لهم حساباً قبل سنتين « سيدي بو زيد» و «ميدان التحرير، تلك اللحظات، التي تمتزج فيها معاني الكرامة السامية و تحدي الظلم مع التضحية والجهاد والإيمان بالله جلت قدرته. وهذا ما يمكن استشرافه من محاكمة ذلك الصحابي الجليل الإصلاحي والثائر سعيد بن جبير رحمه الله، حينما وقف متحدياً الموت في سبيل المبدأ، أمام القائد العربي المسلم الحجاج بن يوسف الثقفي رحمه الله.
معشر النظام العربي الرسمي، ارفقوا بالأطفال والنساء والشيوخ، و « أدخروا» دماء الشباب العربي ليوم سيكونون سنداً لأوطانكم التي طالما تحدثتم عن إنجازاتكم في بنائها. وتذكروا موقف نبيكم العربي الأمين محمد صلى الله عليه وسلم حينما استأذنه جبريل عليه السلام أن يطبق « الأخشبين» على أهل الطائف، بعد إيذائهم للنبي صلعم، إلا انه رفض ودعا لهم لا عليهم، حيث قال مخاطباً جبريل عليه السلام « عسى أن يخرج الله من بينهم من يوحد الله» او كما قال صلعم.
معشر الحكام العرب... اوقفوا هدر الدم العربي، وحاوروا شعوبكم بالتي هي أحسن، وتذكروا زهد الحسن بن علي رضي الله عنه، سبط رسول الله بالخلافة والرئاسة. ولا تمنحوا الفرصة لأعدائكم، صهاينتهم وصفوييهم وفرنجتهم، أن يبتسموا من خلال دموعكم....ورحم الله أمير الشعراء أحمد شوقي حيث قال: وللحريةِ الحمـراءِ بـابٌ بكل يدٍ مضرَّجـَةٍ يُـدقُّ..!.ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم...
almajali74@yahoo.com
الرأي