منذ أمد ليس ببعيد.. أشغلتنا الأخبار المنشورة هنا وهناك حول التسرب الاشعاعي لمياه الديسي.. هذا المشروع الذي يعول عليه الأردن الكثير الكثير.. وأضحى قاب قوسين من الانجاز اذ من المفترض ان تصل مياهه الى العاصمة عمان مع بداية شهر مايو / أيار القادم.

تلك الأخبار أثارت قلقاً حقيقياً لدى المواطنين الذين تاهوا ما بين الشك واليقين.. وهنا انبرت كلية العلوم في الجامعة الأردنية لمهمة علمية في منتهى الخطورة والوطنية معا.. ولتضع النقاط على الحروف ولتحقق مقولة (قطعت جَهِيزَة قول كل خطيب). وتقطع الشك باليقين.. فتخصص ندوة علمية لهذا الموضوع وتخرج بنتائج فاصلة على الملأ.. تفند ما ذهبت اليه المصادر الأجنبية ان مياه الديسي تمتاز بارتفاع نسب الاشعاع فيها.

تحية اجلال واكبار لكلية العلوم في الجامعة الأردنية.. وتحية لعميدها الدكتور نجيب أبو كركي المتميز والمتدفق نشاطا ووطنية والذي يعمل بصمت وبموضوعية مطلقة.

وفيما يلي نتائج وتوصيات الندوة العلمية لكلية العلوم حول مياه الديسي :

خلاصة وتوصيات ندوة كلية العلوم في الجامعة الأردنية حول "الاشعاع بمياه الشرب ما بين الحقائق والاشاعات - وجهة النظر العلمية"

ومضات حول الندوة وخلاصة نتائجها:

1. يمكن بتكاتف الجهود وعلى مستوى الجامعة الاردنية وبامكانياتها البحثية وباحثيها المعنيين توفير اجابات علمية موثوقة تستطيع خدمة صناع القرار في مجال الاستغلال الامن للثروة المائية في الاردن.

2. ان المياه الجوفية المتواجدة ضمن خزانات جوفية من الصخور الرملية تحوي وتقريبا دون استثاء في كافة انحاء العالم نسبا متفاوتة طبيعية من الاشعاع لا تشكل في الغالبية العظمى من الحالات عائقا امام الاستفادة من تلك المصادر المائية وعلى نطاق واسع سيما وان تمت معالجتها باساليب علمية واقتصادية مدروسة.

3. تم تناول ما نشر بمصادر اجنبية حول احتواء عينات من مياه ابار بمنطقة الديسي على نسب عالية من الاشعاع بالتحليل العلمي النقدي المسؤول والمتابعة الميدانية المتأنية والبحث العلمي الوطني المستقل وتبين بان المنهجية المستخدمة لما عكسته تلك المصادر مؤخرا وظروف الحصول على عينات الدراسة وظروف النشر تشكوا من غموض يلقي ظلالا كثيفة من الريبة والشك المبرر حول تلك النسب وتفسيراتها وما تم توظيفها من اجله عن قصد او غير قصد وقد اثبتت التحاليل الوطنية الاستقصائية الجادة لنسب الاشعاع في التربة المروية لفترة طويلة بمياه الديسي ما ينفي بطريقة مباشرة ما اشيع عن فداحة الوضع بالنسبة لتلك المياه ويبدو التلاعب بمعاني الارقام ضمن احد الابحاث الخلافية التي اثارت قلقا وضجة واسعة غير مبرر على الاطلاق.

4. يوجد من نتائج البحوث الجارية في الجامعة الاردنية حتى الان ما يكفي لدحض الادعاءات التي تضمنها تفسير بيانات مجزوءة وغير موثوقة نشرت على مستوى دولي ودون تمحيص كاف.

5. يتضح جليا وجوب العناية ببناء الخبرات الوطنية للاستناد عليها في المواضيع الاستراتيجية حيث لا يمكن الوثوق بنتائج الاستشارات والدراسات المبنية على خبرات أجنبية والتي تجرى على عجل في عالم باتت الاعتبارات السياسية والاقتصادية تفرض به نفسها وتلقي بظلالها الثقيلة فوق كل الاعتبارات الاخلاقية والانسانية.

6. ان الاشعاع الطبيعي في الصخور وما قد ينجم عنه من تأثير على المباه يعالح ويتم الحد من اثاره السلبية بتعميق اشراك الخبرات الجيولوجية وخبراء علوم التربة والبيئة في اختيار اماكن حفر الابار المزمع انتاجها للمياه حيث ثبت ومن اكثر من مصدر جاد ان الظاهرة موضعية ومرتبطة بتكاوين جيولوجية معينة يمكن التعامل العلمي معها بما يضمن تجنب اثارها السلبية.

7. جدير بالتنويه ان مياه الديسي تستغل من فترة طويلة بلغت عشرات السنين من قبل السعودية بشكل رئيس والاردن ايضا.

شارك في الندوة التي اقيمت بمبادرة من عميد كلية العلوم في الجامعة الاردنية البروفيسور نجيب ابو كركي وضمن جهود الكلية وأدائها لدورها في خدمة المجتمع وتعميم المعرفة كل من البروفيسور طالب ابو شرار من كلية الزراعة والدكتور جمال شرف والدكتور مصطفى القيسي من كلية العلوم كما وحضرها حشد غفير من اعضاء هيئة التدريس والطلبة والمهتمين وشارك في النقاش كل من البروفيسور علي نايفه والبروفيسور محمود الدويري وزير الزراعة الاسبق اضافة لكل من الدكتور سائد دبابنه والدكتور ضيف الله البدارنه والدكتور طارق الحسين والدكتور باسم جابر والدكتورة امل عابودي من كلية العلوم.

كما تمت مناقشة جوانب جيولوجية للموضوع لاحقا مع كل من البروفيسور عبد القادر عابد والبروفيسور الياس سلامة والبروفيسور غازي سفاريني من قسم الجيولوجيا البيئية والتطبيقية بكلية العلوم في الجامعة الاردنية.
لسنا وحدنا انما بلاد الخبراء ايضا تشكو ومن اشعاعية من صنع الانسان لمن يريد التعمق أكثر وخصوصا التعليقات.