جاء في بستان الإعراب: أنه إذا دخلت الهمزة على الواو أو الفاء العاطفتين فيرجح أن تأتي الجملة التي بعدهما معطوفة على جملة محذوفة تناسب المقام مثل : أفلم يروا، والتقدير أعمُوا فلم يروا.
وفي الحالة التي ارغب بطرحها هنا، يبدوا أن عمى البصيرة هو سيد الموقف، والذي بدوره ادى الى أن يفوض إداريون في بعض المؤسسات وعلى رأسها قلة من الجامعات صلاحياتهم لفئة عديمة الخبرة، مستبدة، مستغلة، مفترية، لا تؤمن بالحوار ولا بالحق ولا بسيادة الأنظمة أو حتى التعليمات "تلك التي لا يصح أمر من دونها"، فاتسمت ولا أقول "إمتازت" افعالهم بالتعنت، والصلافة، والابتزاز، والصدام، والإرتجالية، والتردد ليس لموقف مشرف منهم، بل لقلة الحيلة، ولاقترانهم بالباطل الذي لا يستطيعون العيش من دونه فأصبحوا لا يتقنون غيره، وعقوبة من الحق لهم وجزاء لابتعادهم عن ما جاءهم من الحق، أزاغ ابصارهم، لا بل ران على قلوبهم، وأضل أعمالهم، فكان أحدهم كمن اتينه ايتنا فانسلخ منها: قال تعالى "وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ" ألأعراف:176.
وهنا اقول: لقد جنحت بعض الجامعات عندما قام كبارها بتفويض صلاحياتهم لصغارها، خوفاً من أن يتحمل اي منهم المسؤولية، ظنا منهم أن ذلك سينجيهم من المساءلة في حالة وقوع الخطئ، وأملاً بأن لا يحاسب فيها الكبار فيما لو وقعت "الفأس بالرأس"، ودون أن يحسب أولئك المفَوِضون تبعات تخليهم عن صلاحياتهم للمفوَضين، وما سيتبع ذلك التفويض من مأسي على مصلحة العمل والعاملين!
والأسوء أن دوائر أخرى بدأت تتخلى عن مسؤولياتها ايضاً وعلناً، مثل دوائر المراقبة المالية والإدارية الداخلية ، وهذه كارثة حقيقية على مجلس التعليم العالي أن ينتبه لها، ففقدان القرار الحكيم، والطمع، والسكوت عن الحق وتفويض الصلاحيات تشكل الأركان الرئيسية للفساد! وخاصة إذا غاب الضمير والرقيب والحسيب!
لا أرغب أن أورد أمثلة في مقالي هذه المرة لسببين:
أولهما: أنني بعد كل مقال يعاتبني كثيرون وكل واحد منهم يسألني بثقة، لما كتبت عني!
ثانيهما: ثبت لي، بأنه وللمصلحة العامة "التعميم افضل" وذلك حتى يظن كل المقصرون بأنهم هم المعنيون بالتقصير، عسى أن ينتهون عنه وينأون عنه.
muheilan@hotmail.com