عمون- زخم احتجاجات المعارضة الاخيرة في مصر ، يعود بدرجة اساسية الى تحالف «جبهة الانقاذ» المعارضة مع فلول نظام مبارك الذين يمتلكون الامكانات التنظيمية والمالية، وقادرون على استئجار البلطجية للتخريب والقتل وافتعال العنف، وينتهزون اي فرصة للثأر بعد خسارتهم الحكم ، فرفعوا شعارات الثورة وهدفهم الاساس الانتقام وتخريب البلد وتعطيل المسيرة السياسية!
هذا التحالف ليس من نسج الخيال، فقد أكده الدكتور محمد البرادعي في مقال له نشرته صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية مؤخرا، بقوله ان المعارضة تتلقى الدعم من «أعضاء الحزب الوطني» ضد ما اسماه «مشروع اسلامي غامض» في مصر!
كنت متحمسا للمرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، وقد دعوت العديد من الاخوة المصريين في الاردن للتصويت له، لكن صناديق الاقتراع جاءت بالرئيس مرسي ، وقد شعرت بالأسى للموقف غير المفهوم لصباحي خلال الاسابيع الماضية، وتحالفه مع سياسيين لا علاقة لتاريخهم السياسي او الثقافي بفقه الثورة، مثل البرادعي وعمرو موسى ، هذا الموقف الذي بلغ ذروته في التجييش الذي تسبب بوقوع اعمال عنف، في الاحتجاجات على الاعلان الدستوري الذي اصدره مرسي في نوفمبر الماضي ، بهدف ضمان تسريع انجاز الدستور واستكمال المؤسسات . ويبدو ان صباحي وبعد حصوله على نسبة اصوات جيدة في الانتخابات الرئاسية، شعر انه اقترب من الكرسي الرئاسي، وانه يمكن ان يكون خليفة عبد الناصر، ولذلك كان احد اهداف الحملة على مرسي ومشروع الدستور الجديد، وانسحاب ما سمي بالقوى الليبرالية والمدنية من اللجنة التاسيسية للدستور، السعي الحثيث لوضع مادة تتضمن اجراء انتخابات رئاسية جديدة بعد اقرار الدستور، وقطع الطريق على اكمال مرسي ولايته الدستورية! ومن هنا يفهم التعنت في موقف «جبهة الانقاذ « ، فهم يزعمون دفاعهم عن الديمقراطية والليبرالية والدولة المدنية، ويمارسون «ديكتاتورية الأقلية» !
من أعجب شجون السياسة، ان يزايد السيد عمرو موسى في الشعارات الثورية على الرئيس مرسي ، فالسيرة الذاتية لموسى تشير الى انه أمضى جل سنوات عطائه في خدمة نظام مبارك ، وقد عمل بنشاط وهمة عالية في الدبلوماسية المصرية، وعملية التطبيع مع اسرائيل ، منذ توقيع معاهدة كامب ديفيد 1979، الى ان تولى منصب وزير الخارجية بين 1991-2001 ، وكان دور الدبلوماسية المصرية فيها بائسا، وساهم في مزيد من الانقسام العربي، وتراجع دور القاهرة باتجاه التبعية والسمسرة لصالح السياسة الاميركية واسرائيل، ثم دفع نظام مبارك بموسى ليصبح امينا عاما للجامعة العربية بين عامي 2001 وحتى2011 ، وهي فترة وصل فيها العمل العربي المشترك الى الحضيض، ولم يسجل موسى اي موقف يليق بامين عام الجامعة العربية ازاء هذه الكوارث، وكان بامكانه ان يقدم استقالته على الاقل ! واكثر من ذلك فقد كان موسى صاحب فكرة انشاء» تحالف كوبنهاجن للتطبيع» عام 2005 ، بمشاركة مثقفين مصريين وعرب واسرائيليين!
ما يجري في مصر هو صراع على السلطة ، ونزاع على ارث مبارك بغض النظر عن الشعارات ، وواهم من يظن ان رفع شعار اسقاط النظام يمكن ان يتحقق مرة اخرى بنسخة ثورة يناير ،وعلى رأي هرقليطس : « لا تستطيع أن تنزل في نفس النهر مرتين» فالظروف تغيرت والرئيس منتخب ديمقراطيا بأغلبية بسيطة وليس بنسبة 99 بالمئة! "الرأي"
Theban100@gmail.com