«جمعة إنقاذ الجمعة» *ديما فراج
12-12-2012 05:50 PM
منذ كنا أطفالا -خاصة عندما كانت العطلة الأسبوعية يوما واحدا في الاسبوع، وهو أمر قد لا يذكره ولا يعيه كثير من أطفال وشباب اليوم- مذ ذاك الحين ويوم الجمعة هو أجمل الأيام، حيث الراحة بعد عناء الاسبوع، وهدوء الشوارع والأحياء، واجتماع كل أفراد الأسرة حول مائدة الافطار والغداء، والانطلاق في الجولات والرحلات والتبضع وزيارة معالم المدينة، او تبادل الزيارات مع الأهل والاصدقاء، بل وكان يوما مميزا أكثر في أي بيت كان رب أسرته عسكريا وما أكثرها من بيوت في الأردن.. فالجمعة هو اليوم الذي غالبا ترتاح فيه الزوجة والأطفال إلى أنهم سيتمكنون من قضاء يوم مع أبيهم بلا طوارئ ولا منغصات.
هذا حتى شرفنا شبح الربيع العربي بظله الثقيل.. وإذا بيوم الجمعة المبارك الرائق الدافئ ينقلب نارا ورمادا، فتغيرت النظرة كليا إلى هذا اليوم.. لقد أصبح يوم توتر وقلق وخوف وتعطل للحياة، حتى أن البعض أصبح يتمنى لو أنه لا يأتي. فالجميع في حالة خوف وذعر على مصائر أبناء الوطن سواء من رجال الأمن أو حتى المتظاهرين. الجميع في حالة تأهب حول الشاشات، وكلنا أمل أن يمر يوم الجمعة بسلام وبأقل الخسائر، بعد أن كان اليوم الذي لا نطيق صبرا حتى يأتي ثم نتمنى ألا ينتهي.. أما الآن فلا يكاد ينتهي إلا وقد نفد الصبر ونفدت الطاقة، وأصبنا بإرهاق أكبر من إرهاق أيام العمل.. حقيقة لقد أصبحنا شعبا بلا يوم عطلة!!
أما الأنكى فهو التسابق على تسمية هذا اليوم بمسميات وألقاب جديدة وغريبة حتى أصبح الأمر فنا وشأنا قائما بذاته. فأصبح اسم يوم الجمعة يوم الله المعظم المبارك وعيد إخوتنا المسلمين غير كاف عند البعض.. فلا بد أن يتبعه وصف رنان، كجمعة الكرامة، وجمعة اسقاط وادي عربة، وجمعة الحرية، وجمعة الإرادة، وجمعة انقاذ وطن وهلم جرا..
بل اصبح التفنن في تسمية وتلقيب يوم الجمعة اهم من المضمون الذي لأجله اخترع الاسم وقامت التظاهرة، فمن يراقب التظاهرات ايام الجمع يرى تكرر نفس الشعارات ونفس الهتافات، ناهيك عن تكرر نفس الوجوه بلا زيادة أو نقصان. فأصبح لا يميز أي تظاهرة عن سابقتها أو لاحقتها إلا العنوان.. فهو بالنسبة لهم أمر مصيري بل أجزم أن هو الغاية والهدف حتى لو كان مربكا ومستفزا للشعب، فالمهم ان يكون جاذبا للصحافة، رنانا على ألسن مذيعي فضائيات الكذب والتهويل، ليكون على الصفحات الأولى ويأخذ حيزا من نشرات الاخبار.. فتكون النتيجة أن الاسم والعنوان في واد والشعارات في واد آخر تماما.
بصراحة انتظر بفارغ الصبر ان تنتهي موضة المسميات، وفورة التظاهرات، وتسقط كل الصفات ليعود يوم جمعتنا المبارك الهادئ الرائق فيطل علينا بما عهدناه منه من هدوئه وجماله ونقائه, حتى لو اضطررنا إلى أن نخرج في (جمعة انقاذ الجمعة) لتكون مبادرة حسن نية من الجميع وهدية للوطن في عامه الجديد.. صدقوني أحن إلى يوم الجمعة.. أفلا تحنون؟
عن الراي