أين بريق الصالوقراطيا في الربيع الأردني .. دفيصل غرايبه
12-12-2012 12:42 PM
د.فيصل غرايبه ـ يبدو أن بريق الصالونات السياسية في عمان قد بهت بفي موسم الربيع العربي عامة والربيع الأردني خاصة، مقابل التماع بريق كتلة اجتماعية جديدة وغريبة في المجتمع الأردني ألا وهي الحراك الشبابي أو الحراك المناطقي كما يقولون، أو الحراك المركزي والمقصود به ما يتجمع في عمان كل يوم جمعة ما بين المسجد الحسيني وساحة النخيل وما تشعب منه إلى ميدان عبد الناصر وما شابه، وكان ذلك قد غطى على الالتقاء بالصالونات السياسية التي أصبحت حائرة في قول الإصلاح وفعله، لا تلوي على شيء سواء أمام سدة القرار أو أمام الناس فرادى أو جماعات.
أما " الصالوقراطية" كمفهوم فهو يلخص ظاهرة تآلف مجموعة من رجال السياسة أو الاقتصاد أو الثقافة تتنادى إلى التردد على بيت من زعموه عليهم أو رأسوه تآلفهم، والذي يظهرون له الولاء، ويصغون إليه أيما إصغاء، ويتبارون بإيصال أية معلومة إليه عن آخرين ممن هم في مستواه، ويتندرون بالتعليقات عن الآخرين ، وبأسلوب ساخر ومهين.
وهكذا تتوارى وجوه و تظهر وجوه في الصالون ، يزداد بعضها قربا و يزداد غيرها ابتعادا، إلى أن تثبت مقولة لو دامت المسؤولية لغيره لما وصلت إليه، فتصبح الفرصة سانحة لزعيم الصالون أن يعتلي كرسي الواجب ويتسنم المسؤولية، ليهرع هؤلاء االمتحلقون هنا إلى التحلق حوله هناك في صالونه الرسمي، ويطرحون أنفسهم لإشغال المقاعد وتبووء مناصب, ومن اجل إرضائهم ومكافأتهم على موالاتهم. وذلك في إطار إعادة النظر في توزيعها على نحو جديد، يعلن أنه يتم توخيا للمصلحة العامة وتصويب بعض الاختيارات السالفة.
وعلى هذا النحو يحل مفهوم الصالوقراطية محل مفهوم الديمقراطية، آذ قلص نطاق توزيع المسؤوليات وحصر أداء الواجب، معفيا الكثيرين ومقصيا الآخرين.ويزداد الوضع قسوة عندما تمتد الممارسة الصالوقرطية إلى الإطارين البرلماني والحزبي،وهما من الأطر الديمقراطية أساسا، واللذين عول عليهما وما يزال يعول في وضع الأمور في نصابها، من حيث توزيع المكاسب بالأحقية وتوفير الفرص بعدالة، وتكون المفاجأة أن الأطر الديمقراطية التي يشكلها المواطنون بأنفسهم ويحددون توجهاتها بقناعاتهم ، قد أصبحت تعبر عن رغبة عدد محدود من الناس، وصارت تسعى إلى تحقيق مصالح نطاق محدد من الجمهور، ناسية المصلحة العليا للوطن ومتناسية مصلحة الجمهور من المواطنين، وعندها يترحم الناس على الآمال العريضة التي علقوها على مثل هذه التشكيلات والأطر الوطنية المتطورة في وضع الأمور في نصاب الحق ويترحمون كذلك على أيام العشائرية التي كانت تحافظ على الود والتواصل وحق الجيرة في الحصول على الحقوق، ويستذكرون بالخير أيام الواسطة النبيلة التي تحاول إعطاء الأحقية بجدارة إلى حدود أبعد ما تصل إليه ممارسات الأطر الحديثة.
لعل دراسة هذه الظاهرة و علاجها، تكون من أولويات خطة التنمية السياسية، في العام الجديد، وخاصة عند بدء المعركة الانتخابية وتشكل برلمان جديد وتشكيل حكومة برلمانية أو شبه برلمانية، فان التنمية السياسية المثمرة لا تقتصر على التعامل مع التنظيمات الرسمية القائمة بالوسائل الإعلامية المتاحة، بل تتعدى ذلك إلى الظواهر الاجتماعية الناشئة والاتجاهات الثقافية السائدة، وعلى رأسها العشائرية والصالونية والمناطفية والجهوية والإقليمية، وما الحراك في معناه ومبناه إلا دعوة إلى الإصلاح بإلغاء أو إخفاء مثل هذه الظاهر بمعناها السلب أو بمقاصدها البغيضة. والله أعلم .