الجناح الآخر لمنظومة النزاهة .. دور النيابة العامة
المحامي محمد الصبيحي
11-12-2012 02:04 PM
عمون - من الناحية النظرية تعتبر النيابة العامة الذراع التنفيذي لمنظومة النزاهة الوطنية فكل جهود مؤسسات النزاهة والرقابة تصب بالنهاية لدى النيابة العامة لتقوم بالتحقيق والاحالة الى القضاء .
من هنا فان قوة النيابة العامة وكفاءتها قوة وفعالية لمنظومة النزاهة الوطنية , وفي حين يشكل ضعف أجهزة النيابة العامة شلل لمؤسسات الرقابة فان النيابة العامة القوية المستقلة والعاملة بمنأى عن أية تدخلات قادرة على ضبط مستوى النزاهة الوطنية مهما كانت مؤسسات الرقابة ضعيفة أو مشلولة ,
ان الذراع التنفيذي للنيابة العامة هو المدعي العام وهو الرجل الذي يتمتع بأوسع صلاحيات مباشرة في الدولة ,, صلاحيات أوسع بكثير من صلاحيات وسلطة وزير الداخلية وأي وزير في الدولة ,, هذا بالطبع اذا أتيح له أن يمارس تلك الصلاحيات بحرية وحسب أحكام القانون .
وعلى سبيل المثال فان من صلاحيات المدعي العام ( الاشراف على تنفيذ القوانين ) كل القوانين , ويستطيع المدعي العام صباح اليوم الثلاثاء أن يدخل وزارة ما كأي مواطن عادي فيجد موظفا ترك مكتبه وغادر عمله بدون أذن رسمي أو يرفض أو يعرقل معاملات المواطنين فان له أن يصدر فورا مذكرة حضور بحقه ويحيله الى المحكمة بجرم التهاون في واجبات الوظيفة والتي تصل عقوبتها الى الحبس من أسبوع الى ثلاثة أشهر - المادة 183 من قانون العقوبات - .. نعم يستطيع المدعي العام ذلك دون الرجوع الى الوزير أو مدير الدائرة المسؤول عن ذلك الموظف .
وعن وظائف المدعي العام فقد حددها القانون بأنها (يراقب المدعي العام سير العدالة ويشرف على السجون ودور التوقيف وعلى تنفيذ القوانين ويمثل السلطة التنفيذية لدى المحاكم والدوائر القضائية ويخابر السلطات المختصة رأسا ) ( المدعي العام مكلف باستقصاء الجرائم وتعقب مرتكبيها ) ( المدعي العام يحرك دعوى الحق العام وينفذ الاحكام الجزائية ) .
واذ ما توفر عدد كاف من المدعين العامين الاكفياء وتعزز ذلك بمساعدين قادرين من الضابطة العدلية وتم تعديل القانون بفصل النيابة العامة عن التبعية لوزير العدل وتحصين منصب النائب العام ورئيس النيابات العامة من النقل والانتداب وما شابه وأن تكون في النظام القانوني الاردني نيابة عامة واحدة باجنحة متخصصة مدنية وعسكرية وليس نيابات عامة متعددة كل واحدة تعمل في دائرة منفصلة فان النيابة العامة الموحدة قادرة على ضبط أداء أجهزة الدولة وفق المعايير القانونية , وقادرة على كبح الفساد وتعقبه وجلبه وأستعادة الاموال العامة , وقادرة على صون الدستور والنظام السياسي , وقادرة على فرض سيادة القانون على الصغير والكبير , وعلى القوي والضعيف .
ان الأولوية قصوى في جهود وشعارات مكافحة الفساد والحوكمة الرشيدة يجب أن تكون في وضع مشروع قانون أو تعديلات قانونية تتضمن تطويرا أبداعيا لأجهزة النيابة العامة , والنص بوضوح على صلاحيات قوية لرئيس النيابات العامة والنائب في الرقابة على أداء كبار المسؤولين في الدولة من الجوانب الجزائية مع ضرورة منح حصانة قوية لمنصبهما حتى في مواجهة المجلس القضائي ووزير العدل .
هذه أفكار أضعها بين يدي اللجنة الملكية لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية. "الرأي"