الرئيس المصري السابق حسني مبارك احتاج ثلاثين عامأً كي يدفع الشعب المصري للثورة وإسقاط النظام، ولكن الرئيس الجديد محمد مرسي لم يحتج لاكثر من بضعة أشهر ليدفع الشعب المصري للثورة مرة أخرى، وبنفس الميادين العامة، وبذات الأساليب والشعارات، وربما بأعداد أكبر وتصميم أشد.
لم يفشل الربيع العربي في مصر فقط، بل فشل في غيرها أيضاً:
في تونس نشب صراع بين حزب النهضة الإخواني الحاكم ، والاتحاد التونسي للشغل، أي المنتجين الحقيقيين، وكان إنجاز النظام الجديد مصادرة ما كانت المرأة التونسية قد حصلت عليه من حقوق في العهد السابق.
في ليبيا سقط نظام القذافي ولم يقم نظام آخر محله، فما زالت الساحة مباحة للميليشيات المسلحة المتصارعة.
اليمن السعيد ليس أحسن حالاً، فقد عاد الشعب اليمني إلى الشوارع، وهتف بإسقاط النظام الجديد.
أما في سوريا فالصراع الدامي على السلطة له الأولوية، ولو كان الثمن تدمير سوريا، ليس كنظام فقط بل كدولة وشعب أيضاً.
ماذا كانت إسرائيل تريد للدول العربية أكثر من هذا الربيع الذي أنتج صراعات داخلية وتدميرا ذاتيا.
الاستبداد هو المبرر السياسي والأخلاقي الأول والأهم لقيام الثورات، لكن ثورات الربيع العربي في مصر وتونس وليبيا واليمن التي نجحت في إسقاط الأنظمة المستبدة، فشلت في إقامة الديمقراطية، بل أقامت أنظمة جديدة أشد استبداداً وبذلك فقدت مبررات وجودها وشرعيتها من أول الطريق.
نجاح الربيع العربي في عدة أقطار عربية واحداً بعد الآخر، شجع الحراك العربي في أقطار أخرى للقيام بالمثل، أما وقد انكشـف الحال وانقلب الوضع، وفشل الربيع العربي في كل الحالات دون استثناء فشلاً ذريعاً، وفقد شرعيته خلال شهور معدودة، فمن الطبيعي أن يراجع الحراكيون في أقطار عربية أخرى أنفسهم، فلا أحد يريد لبلده تقليد ممارسات الربيع العربي ومصير سوريا لمجرد إشباع شهوة الحكم والتسلط.
مشكلة الذين ركبوا موجة الربيع العربي وقبضوا على السلطة أنهم يرون أنفسهم أدوات تمثل إرادة الله على الأرض، فهم يملكون الحقيقة المطلقة ومن حقهم الانفراد بالقرار، وإقصاء الآخرين ممن تحالفوا معهم.
الحراكيون بقيادة الإخوان لا يستطيعون أن يقدموا للشعب ديمقراطية فهم لا يؤمنون بها، ولا يستطيعون أن يوفروا له الرخاء الاقتصادي فليس لديهم حلول أو برنامج عمل. والبلد الذي يبتلي بهم يفقد نعمة الأمن.
الرأي