واسطة العقد في حديث الثلاثاء السامي لقائد الركب المفدى
ممدوح ابودلهوم
09-12-2012 06:22 PM
لقد جاءت مضامين المقابلة الملكية الثلاثاء الماضي لتجُب أي تكهنات و لتجيب على أي تساؤلات في الشارع الأردني ، فالعناوين العريضة للحديث السامي بالمجمل تحمل أكثر من تبشرة بأن المناخات السياسية و الاجتماعية - بل و حتى الاقتصادية باعتبار صدقية الدعم السعودي و الخليجي ، قد أصبحت في حكم المناسبة لتحقيق الأولوية الأهم ما بعد محطة الانتخابات الا و هي الحكومات البرلمانية ، ما يرى جلالته بأنها تشكل منعطفاً واعداً على خارطة الطريق كمرحلة لها ما يتبعها فور الإستحقاق الإنتخابي ..
ولعل أبلغَ وصفٍ لحديث جلالة الملك السامي أعلاه ، و الذي جاء في أهاب المقابلة الضافية التي خص بها جلالته صحيفة الوطن الأولى (الرأي) و شقيقتها (الجوردن تايمز) الموقرتين ، هو أنه (حديثٌ قطعَ قولَ كل خطيب ) وهو ذاته العنوان الذي اعتلى مقالة الأستاذ رئيس تحرير الرأي الزميل سمير الحياري الأربعاء الماضي في تجليات هذه المقابلة الجامعة و الرائعة في آن معاً ، والتي و بالمناسبة أعاد الحياري ثانيةً إعراب خلاصتها حول الحديث السامي في تصريحه لمندوب قناة الحقيقة الدولية في البحر الميت ، حيث جرت هناك وقائع الندوة الفكرية المتميزة .. محاورَ و حواراتٍ ، التي اعدتها و أشرفت عليها وزارة التنمية السياسية حول الآفاق المستقبلية للحكومات البرلمانية في الأردن و التي أفتتحت برعاية الدكتور عبدالله النسور، بأن معظم ما جاء في الحديث السامي هو و بكلمة مبتسرة في صُلب ما تناولته تجاذبات و أوراق هذا العصف السياسي بإجمال ..
أما الملحظ الرئيس و الذي أراه كمراقب سياسي متابع لسلسة النطق الملكي الشريف واسطةَ العقد في هذه المقابلة الميمونة ، فهو أن جلالته لم يترك كبيرةً أو صغيرةً في جملة الأولويات المدرجة على أجندة الإصلاح الشامل إلا ووضع لها النقاط المناسبة على حروفها المستجيبة ، حتى لكأني بجلالته يريد أن يؤكد علينا مسؤولين و مواطنين في ذات الآن ، بأن العد التنازلي لموعد إجراء الانتخابات النيابية كأول و أهم الأولويات قد بدأ ، و أنه لا يفصلنا عن يوم الاقتراع (23/1) سوى 50 يوماً و أسبوعان على بدأ يوم الترشيح (22/12) ، و بأن استحقاقها الدستوري هو اللبنة الأساس في المعمار الإصلاحي القادم ، و الذي بعد 23/1 المقبل سيصبح بإذن الله و بهمم الطيبين شراعنا الديمقراطي ، الذي سينقلنا بقيادة عبد الله إلى بر الأمان حيث أردن الغد الأنموذج الذي نريد و إليه نطمح ..
لقد تمكنت الدولة الأردنية بإدارة و إرادة جلالة الملك من عبور منعرج اللوى داخلياً و خارجياً ، فداخلياً نجحت الحكومة أيما نجاح في أن تواجه أزمة المرتقى الصعب أي قرار رفع الدعم عن المحروقات ، و استطاعت عبر راشدِ سياستيها المالية و الأمنية أن تمتص غضب الشارع الأردني العقلاني منه و المتطرف أيضاً ، في الأولى بسرعة الحكومة ووفق منهجية محكمة في تقديم الدعم النقدي لجميع شرائح المواطنين ، و في الثانية بتبني نظرية الأمن الناعم حتى و إن دفعت ضريبة الدم الأغلى لشهداء الأمن الميامين ، أما خارجياً فقد استطاعت الدبلوماسية الأردنية و أيضاً بالتوجيهات الملكية أن ترتقي بعلاقاتنا مع الأشقاء العرب ، بتنويه جلالته (العلاقة مع مجلس التعاون ستبقى على الدوام تاريخية و إستراتيجية و تكاملية ) ..
لقد بدا واضحاً أن جلالة الملك في هذه المقابلة الشاملة يؤكد على أننا ننتقل فعلاً من حالة التنظير إل حالة التطبيق ، وبأن هذه التوجيهات السامية أو بحسب جلالته ( هذا تصوري للإصلاح) في حديث جلالته هي محطات خارطة الطريق إلى هذا التطبيق ، و بأن هذه الخارطة ( عمادها الناخبون) و بأن مسؤولية الجميع (التفكير بقانون انتخاب من تحت قبة البرلمان ) و بأنه (متفائل بالمستقبل ) لكن مع (توفير المناخ الإيجابي ) عبر (تسريع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية ) لكن أيضاً ليس على حساب (تنفيذ الإصلاحات السياسية ) ..
غير أن ذروة التفائل في الحديث السامي ، إختصاراً لا ختاماً - فهناك الكثير و لا بد من تكملة ، يتمثل في وعد جلالته الحق كما مسك الختام ، بأننا و وفق جلالته سننتقل بإذن الله ( من الربيع الأردني إلى الصيف الأردني ) حيث حالتيّ (النضج و الحصاد) ، و هو ما نطمح إليه مع عبد الله المفدى من تحرير الذات و تحقيق الرفاه و ما ذلكم ببعيد المنال ، فالمقروء حتى بين تخوم هذه المقابلة الميمونة أنه سيأتي على الأردنيين ، حينٌ من الدهر نعب فيه من كؤوس النضج و الحصاد في ذلكم الصيف المرتجى ، والذي سنراه مع جلالته واعداً بسّاماً يؤتي أوكله في كل حين بإذن الله، و.. للحديث فيوضات يجب أن ننهل من غدق معينها الهاشمي الذي لا ينضب ، و تجليات أخرى لها كراماتها التي تكاد تنطق ما بين تخوم هذا البوح الملكي الشفيف .. وهو ما نسأله تعالى المدد وقتاً و عزماً كي نقف معه في مقبل الأيام .
Abudalhoum_m@yahoo.com