هناك شبه طلاق بين أرقام الموازنات العامة الأردنية كما تقرها المجالس النيابية في مطلع كل سنة ، وبين الحساب الختامي أي إقفال الحسابات في نهاية السنة وظهور الفروقات الواسعة بين المقرر على الورق والمنفذ عملياً. اي أننا قريبون من الموازنة التأشيرية غير الملزمة.
تجري تغطية أو شرعنة الفروقات التي تمثل خروجأً على الموازنة عن طريق إصدار عدة ملاحق خلال السنة ، وملحق بأثر رجعي عند إعداد الحساب الختامي بعد سنوات ، وهذا ما يفسر عدم إعداد أو نشر الحساب الختامي لموازنات سنوات عديدة.
مع ذلك فإن المراقب لا يستطيع الحكم على جودة الموازنة العامة على ضوء التطبيق ، وهو الأهم ، لأنه ما زال في عالم الغيب ، فلا بد ابتداءً أن تكون الموازنة المقررة جيدة لأن التطبيق لن يحسنها بل سيجعلها أسوأ ، فقد جرت العادة أن تتجاوز النفقات الفعلية المخصصات المرصودة لها ، وأن تعجز الإيرادات المحلية عن الوصول إلى التقديرات المسبقة ، وأن يزيد العجز عما هو مستهدف. وفي كل الحالات تقريباً فإن التطبيق يكون أسوأ من الموازنة في صيغتها الاولى ، وقلما يكون العكس.
بدون الدخول في تفاصيل كل بند من بنود الانفاق الذي لا يستطيعه محلل خارجي ، فإن هناك شروطأً أولية للموازنة الجيدة ضمن الظروف الموضوعية القائمة، فنحن لا نتحدث عن وضع مثالي بل عن وضع ممكن عملياً.
الشرط الاول أن يكون العجز في الموازنة عند الحد الادنى كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي. وفي حالتنا فإننا نتوقع موازنة عامة لا يزيد عجزها عن 5%.
الشرط الثاني أن تغطي الإيرادات المحليـة 100% من النفقات الجارية ، فلا يجوز الاعتماد على المنح الخارجية والقروض لمجرد دفع نفقات تشغيل الحكومة كالرواتب العادية والتقاعدية والإيجارات والفوائد ودعم السلع والخدمات. وهذا مقياس للاستقلال المالي والاعتماد على الذات الذي نطرحه كثيراً كشعار ، ولا نلتزم به على أرض الواقع.
الشرط الثالث أن لا يقل نمو الإيرادات المحلية عن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية ، وأن لا ترتفع النفقات الجارية بأسرع من معدل التضخم الذي سيكون في حدود 6% خلال 2013.
ما أتمناه أن تخرج علينا الحكومة بموازنة عامة لا تحقق هذه الشروط فقط بل تتجاوزها.
(الرأي)