تهنئة للمرشحين الخاسرين في الانتخابات النيابية الاردنية
د.زكريا محمد الشيخ
27-11-2007 02:00 AM
أبارك لكل من لم يلوث اسمه وسمعته ومستقبله ودينه ودنياه وآخرته، وتنافس برجولة ووطنية ونزاهة للوصول إلى قبة البرلمان، ممن حالفه الحظ أو فشل في هذا العراك السياسي دون اللجوء إلى شراء الذمم واستخدام أقذع الوسائل المهينة والتي لا تمت إلى إسلامنا وعروبتنا وشيمنا وعادتنا وتقاليدنا بصلة، والعار كل العار لمن باع أو اشترى أو شارك في جريمة "شراء الذمم" مقابل عرض رخيص زائل من الدنيا، وباع وطنه وضميره وآخرته بدنيا غيره.قد يبرر البعض فاقته وفقره لتمرير جريمته، فلهؤلاء نقول: هل الفقر كذلك يبرر لك بيع العرض والشرف؟ فالوطن هو عزنا وشرفنا وعرضنا، أولم تقرأ أو تسمع ما قاله علماء الأمة في بيع صوتك إنه حرام وخيانة كبرى..كم كان ثمن صوتك؟ عشرة، عشرون، خمسون، مائة أو ألف دينار؟ اسأل نفسك كم من الدنانير مسكتها في حياتك؟ أين هي الآن؟ ألم تنفقها!! وكم بقي في جيبك من ثمن صوتك الذي بعته؟ ألم تنفقه كاملا؟ وما زلت معوزا!! هل سد هذا الثمن البخس الحد الأدنى من احتياجاتك؟ ولكن بالمقابل فقد ساهمت بفعلتك المشينة هذه في إيصال أشخاص إلى موقع المسؤولية تحت قبة البرلمان ممن رضوا لأنفسهم أن يجعلوا منك سلعة رخيصة لتمرير مصالحهم الفردية، فهؤلاء كما اشتروا صوتك، فإنهم سيبيعون حقوقك ويساومون عليها لاسترداد ما أنفقوه أولا ولنفخ جيوبهم ثانيا على حساب قوتك ولقمة أبنائك وعلى حساب الوطن ومصالحه العليا كذلك.. فهم سيزداد ثراؤهم وأنت أيها المسكين.. يا من بعت صوتك? ستبقى فقيرا معوزا مستجديا لهم!! يا حسرة على بعض من أمتنا ممن ارتضت لنفسها الهوان وركعت تحت أقدام دراهم معدودة لا تسمن ولا تغني من جوع.. يا حسرة على بعض من أبناء جلدتنا ممن حرموا كفاءات وطنية من تمثيل شعبنا الأبي المقدام حق تمثيل في واحدة من أهم مؤسسات الوطن وركيزة من ركائز قوته.
"عرسنا الديمقراطي" كان بالنسبة لي فاجعة حقيقية وأنا أرى بأم عيني وعلى مرأى ومسمع السلطات والمواطنين على حد سواء (موثقا بالصور) كيف يبيع الناخب صوته في بورصة شراء الذمم، والتي تذبذبت فيها الأسعار في الساعات الباكرة من يوم الثلاثاء الماضي، وبدأت بعشرة دنانير إلى أن وصلت في الساعات الأخيرة وبالتحديد بعد تمديد فترة الاقتراع لساعتين في بعض الدوائر ومنها الدائرة الثانية عمان إلى مائة دينار.. بكل وقاحة وفي وضح النهار، استخدموا رياض الأطفال (اسم الروضة والصور موجودة لدينا) وأوقفوا الباصات أمام مراكز الاقتراع لشراء الذمم.. العجيب والغريب أن الأمر لم يكن مقصورا على تصرفات فردية استثنائية، بل أعداد بلغت بالألوف من الناخبين، فهي خرجت من إطار "الاستثناء" إلى الظاهرة العلنية، دون وجل أو خجل أو خوف.. يا للأسف.
ولهؤلاء المرشحين النزيهين الذين حرموا من حقهم في الوصول إلى مجلسنا التشريعي بسبب إحلال غيرهم ممن اشتروا الذمم، أقول: لقد فزتم بأخلاقكم وقيمكم ومبادئكم، هنيئا لوطنكم بكم، وهنيئا لكل أصوات الشرفاء الذين صوتوا لكم، وسينصفكم وطن الهاشميين وسيكون لكم بالتأكيد دوركم المشرف.. أما للنواب الذين وصلوا بنزاهة وشفافية وبدعم قواعدهم الحقيقية إلى البرلمان، أقول: عليكم أن تكونوا نواب وطن ولجميع المواطنين لا نواب مناطق وأحزاب ودوائر، فالمواطن بحاجة ماسة لصوتكم ولمواقفكم المشرفة أمام تغوّل أصحاب المال السياسي في برلماننا الحالي.. راقبوهم، حاسبوهم وكونوا لهم بالمرصاد.. أما للتجار وليس للنواب الذين وصلوا إلى قبة البرلمان بشراء الذمم فأقول: أنتم معروفون تماما كما الشمس الساطعة، وسنكون لكم العين التي لا ينام لها جفن لرصدكم ورصد كل صفقاتكم ومواقفكم، دون خجل أو وجل، تماما كما فعلتم فعلتكم في شراء الذمم في وضح النهار دون خجل أو وجل.
وأختم قولي بأننا نعول كثيرا على هذا المجلس من حيث الأداء البرلماني المطلوب? لوجود شخصيات وطنية صادقة ومعنية باستمرارية إنجاح العمل البرلماني الأردني واستدامته ليعود خيرا على الوطن والمواطن وها نحن نرصد ونتابع يوما بيوم هذا الأداء الذي أراده جلالة الملك أن يكون منشودا ويجول في طموح المواطن الأردني والقانون والتشريع الذي ينظم الحياة العامة..كما نعول أيضا على الحكومة الجديدة في ممارسة الدور الديمقراطي المنشود والمطلوب وبصورة نوعية? وفوق هذا كله نعول بعد الله عز وجل على جلالة الملك الذي يمتلك أدوات مراقبة الأداء وتقييمه? ووضع حد لأي تجاوزات قد تحدث..ونثق بهذا جميعا.
info@factjo.com
الكاتب رئيس مجلس إدارة مجموعة الحقيقة الدولية الإعلامية