اختبار حقيقي لمواطنة المسؤولين
جمانة غنيمات
06-12-2012 02:28 AM
العشرون يوما المقبلة مصيرية على صعيد عملية الانتخاب المقبلة؛ إذ ستبدأ عملية الترشح للانتخابات، الأمر الذي سيكون مؤشرا قويا على نوعية نتائج عملية الاقتراع، وتشكيلة مجلس النواب المقبل.
ما يطرح اليوم من أسماء يتوقع ترشحها للانتخابات غير مشجع، ويشي بحالة عزوف عن المشاركة من قبل شخصيات وطنية سياسية واقتصادية وازنة، يمكن لها أن تحسّن من صورة المجلس المقبل، وتجمّل العملية الانتخابية، وتقوي تشكيلة مجلس النواب السابع عشر، بحيث تعوض ولو جزئيا عن غياب المعارضة ومقاطعة الانتخابات.
ولا أعرف ما الذي تنتظره هذه الشخصيات لتبادر وتترشح، فتساهم في إنجاح العملية الانتخابية وتحسين مخرجاتها، في مرحلة هي الأدق في مستقبل البلد.
اليوم، الترشح للانتخابات ليس بحثا عن وجاهة، بل هو موقف وطني، وواجب على كثير من الشخصيات تأديته، وتحديدا رجالات الدولة السابقين الذين، وللأسف، ينأون بأنفسهم عن خوض الانتخابات، وفي ذلك تنصل من دور وطني مطلوب في مرحلة يبدو فيها الأردن بحاجة ماسة إليهم.
غياب المسؤولين غير مبرر، وليس له عذر مقبول؛ فهم من طبّقوا سياسات الماضي، وأنتجوا لنا هذا الحاضر السيئ، وعليهم أن يبادروا إلى تسديد جزء من الدين المعلق في رقابهم للدولة التي منحتهم الكثير، ونراهم اليوم يتخلون عنها.
تحسين نوعية المرشحين للانتخابات المقبلة، وضمنه السعي إلى تشجيع شخصيات "من عيار ثقيل" على الترشح، سيسهم في استعادة جزء من الثقة، وبالتالي خلق أجواء حماسية تحفز على المشاركة في الانتخابات التي فقدت بريقها خلال الفترة الماضية، نتيجة سياسات الحكومة الاقتصادية، وقرارات إلغاء الدعم عن المحروقات.
الخيار بإجراء الانتخابات حُسم، ولا عودة عنه. وتغيير النظرة المجتمعية إلى مجلس النواب المقبل ضرورة، بحيث لا يكون هذا المجلس تكرارا لتجربة المجلس السابق.
إن إحجام الشخصيات الوطنية عن الترشح -ولكل لأسبابه- يصبح غير مبرر في ظل الحاجة الملحة إلى تغيير الانطباعات، وكسر صورة المجلس السابق، ووضع تصور مختلف حيال شكل ومضمون المجلس المقبل، لدفع البلد إلى مرحلة جديدة، تساعد في بناء جسور ثقة بين السلطة التشريعية والشارع.
ثمة خطوات كثيرة لازمة قد تسهم في الوصول إلى نتائج تختلف عن التوقعات السلبية المستقبلية فيما يتعلق بمجلس النواب المقبل؛ وقد يكون دور الناخب مهما، لكن في مرحلة لاحقة تلي عملية الترشح؛ فالانطباع الأول والتحفيز يتطلبان مبادرات من رجال الدولة أنفسهم.
وعلى ماكينة الدولة أن تعمل بكل قوة لتشجيع أسماء ثقيلة على خوض الانتخابات، حتى لا نجني فشلا جديدا، ونجد أنفسنا في 24 كانون الثاني (يناير) المقبل أمام مجلس نواب لا يلقى قبولا مجتمعيا، ومرفوض أصلا من قوى المعارضة التي ستكون في الشارع مطالبة برحيله.
ثقل الشخصيات المترشحة وأهميتها يتجاوزان القائمة الوطنية وعدد مقاعدها المحدود، وصولا الى مرشحي الدوائر، وهم غالبية مجلس النواب المقبل. وثمة شخصيات وطنية مخلصة عزفت عن العمل السياسي والمشاركة نتيجة عمليات التزوير، وهي بحاجة إلى تطمينات تتعلق بنزاهة عملية الانتخاب، ووضع حدود لنشاط المال السياسي الذي يبدو استخدامه بلا حدود حتى الآن.
أيها المسؤولون السابقون، يكفي جلوسا في الصالونات السياسية والتنظير والانتقاد، ويكفي ازدواجية في المواقف؛ فما يقال منكم في الغرف المغلقة مختلف عما تفصحون عنه في العلن. ويبدو أن الاختبار الحقيقي لمواطنتكم الصادقة على المحك؛ فدعونا نرى كم من مسؤولينا السابقين مواطنين صالحين. وسنكتشف في العشرين يوما المقبلة من منكم قلبه على الوطن، ومن منكم أناني لا يفكر إلا في مكتسبات جناها يوما، حينما جلس على المقاعد الوثيرة.
المواطنة حقوق وواجبات، وأنتم أخذتم حقوقكم وأكثر، فهلا تؤدون واجباتكم؟!
jumana.ghunaimat@alghad.jo