اساطير المطر والنجوم والريح خلدت علاقة الانسان بالارض
05-12-2012 06:06 PM
عمون - محمد الخوالدة - يرتبط النشاط السكاني في مناطق الكرك بالمناخ وذلك منذ اقدم العصور ، وبعض مشاهد هذا الارتباط لازالت سائدة حتى يومنا هذا من خلال مايتداوله الناس من حكايات وامثال شعبية وماثورات القول التي اغلبها مرتبط بالعمل الزراعي الذي هو النشاط الاقتصادي الرئيسي في المحافظة .
فلكل شهر من اشهر العام كما لحركة النجوم والرياح دلالتها المناخية المرتبطة بطبيعة الطقس حرارة او رطوبة وامطارا ، ويؤشر ذلك على الوان النشاط الاجتماعي والزراعي ، ولازالت الاجيال تتوارث بعض القصص والحكايات بهذا الخصوص في مناطق الارياف وخاصة المتقدمين في السن منهم .
فشهرا كانون الاول وكانون الثاني "كوانين" يعتبرهما السكان اقسى شهور السنة ، فالبرد قارس وشديد الاذى ، ويقولون بهذا الصدد "كانون ميبس الجلة" والجلة هي روث البقر ، كما يقولون "اثمن الثمينين مطر كوانين" لاهمية هذه الامطار في نجاح الموسم الزراعي .
وفي شهري شباط واذار ابرز ماهنالك حكاية "قران العجايز" التي تقول ان عجوزا اذ تها هي وبضع شياه كانت تملكها امطار شباط فسبته ولعنته قبل مضي اربعة ايام على انتهائه مماجعله –حسب الحكاية- يغضب لنفسه فيستنجد بشهر اذار طالبا منه ان يقرضه ثلاثة ايام لينتقم من العجوز فكان له ذلك حيث شهدت الايام السبعة امطارا عنيفة وتشكلت سيول تسببت في جرف العجوز مع شياهها فاهلكتها . ولان الامطار في شهر شباط تاتي بشكل غير متوقع يقال "شباط ماله ارباط" أي ليس فيه ثوابت ، اما عن اذار فيقول الناس "شهر اذار فيه اشميسات وامطار" أي ان المطر وظهور الشمس قد يتصادفان في نهار واحد .
وفي شهر نيسان فان للمطر اهمية كبيرة ، فالموسم الزراعي كما يرى السكان يتوقف على مطر نيسان فانحباسه يعني جفاف الزرع والضرع ، فالحرارة فيه ترتفع نسبيا مما يساعد على تبخر رطوبة التربة ، وهنا يقول الناس "شتوة نيسان بتحيي الانسان ، بتحيي السكة والفدان وبتسوى الف سيل سال وبتسوى الراعي والمعلان" ، المعلان هو صاحب القطيع ، وهناك ايضا معتقد بان شتوة نيسان تساعد في غزارة الشعر ، لذلك كانت الصبايا يكشفن رؤوسهن اثناء نزول المطر لتبليله بمطر نيسان.
وفي شهر ايار وهو موسم حصاد الزرع لاسيما محصول الشعير وهو شهر مرتفع الحرارة فيقول الناس "ايار فيه القادم سيار" أي ينقل القش إلى البيادر محملا على الة خشبية تسمى القادم ، وذلك للدلالة على نضج المحصول الزراعي .
وفي شهر تموز واب حيث تبلغ درجات الحرارة مداها يقول الناس "في تموز بتغلي الميه في الكوز" كما يقولون عن اب "اب اللهاب"لشدة الحرارة في هذين الشهرين.
وفي شهر ايلول يردد السكان مثلا شعبيا يقول "ايلول ذيله مبلول " أي ان المطر ينزل في نهايته .
وفي شهري تشرين اول وتشرين ثاني وهما من اشهر الخريف فيقول الناس "تشرين فالق التين "حيث يؤدي انخفاض درجة الحرارة إلى تشقق ثمار التين كدلالة على انحسار موسم الثمار .
ويربط الكثيرون وخاصة كبار السن بين حركة النجوم وهطول المطر ف"للثريا" وهي مجموعة نجوم متقاربة دلالة على طبيعة الموسم المطري ، فان تصادف نزل المطر مع ظهورها فان هذا يبشر بموسم زراعي جيد ، وان تاخر نزوله عن ظهورها فذلك ينذر بموسم قحط .
وللناس مع النجوم ايضا حكايات ، فايام الخريف لديهم ثلاثة اقسام ، ايام كل قسم 17 يوما ، يسمى القسم الاول بالثرياوي والثاني بالجوزاوي والثالث بالشعراوي ، وذلك بمايتناسب وظهو النجوم وحركتها ، ويقسمون خمسينية الشتاء إلى ثلاث عشرات فيقولون عشرة سم "أي شديدة البرودة"وعشره دم "أي تنشط الدورة الدموية فيها بعد برد شديد " وعشرة دسم "أي مفيدة لنمو وصحة الجسم" .
واذا نزل المطر واستبشر المواطنون خيرا يقولون " اشتي ع خزان قمحه " أي الشخص الذي يخاف القحط فلا يفلح ارضه وذلك لبيع مالدية من قمح وشعير باسعار مضاعفه بسبب القحط ،اما الاطفال فيرددون عند نزول المطر اهزوجة تقول "يادنيا اشتي وزيدي بيتنا حديدي ، عمنا عطالله ورزقنا على الله .
اما الرياح فبعضها محبب بالنسبة للسكان والبعض الاخر خلاف ذلك وذلك بحسب اثرها عليهم ، فالرياح الجنوبية والغربية محببه لانها تجلب المطر شتاء والرطوبة ربيعا ، لذلك يسمونها "نشالات الزرع" لانها تهب في موسم يحتاج فيها الزرع إلى الرطوبة التي تؤدي إلى انعاشه ، اما الرياح الشمالية فهي غير محببة لشدة برودتها حيث تضر بالناس وتمنع بناء اللحم في المواشي ، ومثلها الرياح الشرقية التي ان هبت شتاء كانت شديدة البرودة ومؤذية للبشرة ، وان هبت ربيعا كانت حارة وجافة تضر بالزرع والانسان .